(الثالث) أن تحذف وحدها ، وكثر ذلك بعد «أن المصدريّة» الواقعة في موضع المفعول لأجله ، في كلّ موضع أريد به تعليل فعل بفعل في مثل قولهم «أمّا أنت منطلقا انطلقت» أصله «انطلقت لأن كنت منطلقا» ثمّ قدّمت اللّام التّعليليّة وما بعدها على «انطلقت» للاختصاص ، أو للاهتمام بالفعل فصار «لأن كنت منطلقا انطلقت» ، ثمّ حذفت اللّام الجارّة اختصارا ، ثمّ حذفت «كان» لذلك فانفصل الضّمير الذي هو اسم كان فصار «أن أنت منطلقا» ثمّ زيدت «ما» للتعويض من «كان» وأدغمت النون من «أن» في الميم من «ما» فصار «أما أنت» وعلى ذلك قول العباس بن مرداس :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع (١) |
أي : لأن كنت ذا نفر فخرت ، وهو متعلّق الجار.
وقلّ حذف «كان» وحدها بدون «أن» المصدريّة كقول الرّاعي :
أزمان قومي والجماعة كالذي |
|
لزم الرّحالة أن تميل مميلا |
قال سيبويه : أراد أزمان كان قومي مع الجماعة.
(الرابع) أن تحذف مع معموليها.
وذلك بعد «إن» الشرطية نحو «ساعد أخاك إما لا» أي إن كنت لا تساعد غيره ، ف «ما» عوض عن «كان واسمها» وأدغمت نون «إن» فيها ، و «لا» هي النافية للخبر.
١٤ ـ حذف نون «يكون» :
يجوز حذف نون المضارع من «كان» بشرط كونه مجزوما بالسّكون ، غير متّصل بضمير نصب ، ولا بساكن نحو (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(٢) فلا تحذف في نحو (مَنْ تَكُونُ لَهُ
__________________
(١) «أبا خراشة» منادى ، وهي كنية شاعر اسمه «خفاف بن ندبة» ، «النفر» هنا الرهط ، «الضبع» السنين المجدبة ، وفي قوله «الضبع» تورية. وذهب الكوفيون إلى أن «أن» المفتوحة هنا شرطية ، ولذلك دخلت الفاء في جوابها ، ومعنى المثال المذكور عندهم : «إن كنت منطلقا انطلقت معك».
(٢) الآية «٣٩» النساء (٤) و «تك» أصلها «تكون» بالرفع ، حذفت الضمة للجازم ، والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف ، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعا.