فالضمير في «مجده» يعود إلى «مطعما» وهو متأخر في اللفظ كما نرى في البيت ، وفي الرتبة لأنه مفعول به ، ورتبة المفعول متأخرة على رتبة الفاعل.
فالبيت لهذا غير فصيح.
وتنافر الألفاظ في الكلام أو التركيب ، يعني أن يسبب اتصال بعض ألفاظ الكلام ببعض ثقلا على السمع وصعوبة في النطق بها ، لأن النطق بالحروف المتقاربة في مخارجها أشبه بالمشي المقيد. ومثال ذلك قول الشاعر :
وقبر حرب بمكان قفر |
|
وليس قرب قبر حرب قبر |
ويقال إنه لا يتهيأ لأحد أن ينشد هذا البيت ثلاث مرات متواليات دون أن يتعتع (١) ، أي يتلعثم. والسبب بطبيعة الحال واضح ، لأن اجتماع كلمات البيت وقرب مخارج حروفها ، يحدثان ثقلا ظاهرا على اللسان والسمع معا ، مع أن كل لفظة أو مفردة منه لو أخذت وحدها كانت غير مستكرهة ولا ثقيلة.
ومن تنافر الألفاظ في الكلام أو التركيب أيضا قول أبي تمام ، حبيب ابن أوس الطائي ، من قصيدة له يمدح بها أبا الغيث موسى بن إبراهيم ويعتذر إليه :
كريم متى أمدحه أمدحه والورى |
|
معي ، وإذا ما لمته لمته وحدي |
فالتنافر هنا قد ولّده ما في قوله «أمدحه» من الثقل لقرب مخرج الحاء ، من مخرج الهاء ، لأن مخارج الحروف كلما قربت كانت الألفاظ مكدودة قلقة غير مستقرة في أماكنها ، وإذا بعدت كانت بعكس الأول. ولهذا لم يوجد في كلام العرب اجتماع العين مع الغين ولا مع الحاء ولا مع الخاء ، ولا اجتماع الطاء مع التاء حذرا من عسر النطق. وفي البيت أيضا ثقل آخر من جهة التكرار في «أمدحه» و «لمته».
ومن قبيح التنافر الناشىء عن التكرار قول الشاعر :
__________________
(١) انظر شرح شواهد التلخيص ص : ١٣.