« السيّد علي الطباطبائي » المشتهر بتبحّره في علم الاُصول ، قد أبدىٰ مهارة فائقة وبراعة قلّ نظيرها في إرجاع الفروع إلىٰ الاُصول ، الاُصول التي اعتمدها اُستاذه الوحيد ودحر بها الأخباريين ، فلقّنها إيّاه خير تلقين ، وأجاد استثمارها وأبدع فيها خير إبداع ، سالكاً في الاستدلال بها مسلكاً استحال علىٰ غيره ، بل عسر ، متعرّضاً لكلّ ما توصّل إليه من الأدلّة والأقوال .
فهو غرّة ناصعة علىٰ جبهة الفقه الشيعي ـ بل الإسلامي ـ ونجم ساطع في سماء الفقه الاستدلالي ، وآية باهرة لكيفيّة الاجتهاد والاستنباط ، حسن الترتيب ، كثير الفوائد جدّاً ، يضمّ ـ بالإضافة إلىٰ دقّته في الاستدلال ـ الإحاطة بشتّىٰ جوانب البحث ، مشفوع بنقل الروايات والكلمات بعبارات موجزة بليغة ، اقتصر فيه علىٰ اُمّهات الفروع الفقهيّة ، مع غاية في الاختصار في أداء المقاصد وإيراد المطالب ، بحيث يصعب ـ بل لعلّه يتعذّر ـ الوقوف علىٰ جملة بل كلمة زائدة لا يضرّ إسقاطها بالمطلب ، وذلك في جميع فصوله ، فمنهجه في الإصرار علىٰ الاختصار منهج كتاب « الروضة البهيّة » و « زبدة الاُصول » .
ويدلّك علىٰ عظمته أنّه اشتهر به كاتبه ، فيعرف به غالباً ، كما هو الحال في « كشف الغطاء » و « جواهر الكلام » .
وهو ـ فيما بأيدينا من تراث فقهائنا ـ أوّل كتاب فقهيّ استدلاليّ مبسوط حاوٍ لجميع الأبواب الفقهيّة ، إلّا ما شذّ (١) .
شرح مزجيّ علىٰ المختصر النافع للمحقّق الحلّي ، وقد يعبّر عنه بالشرح الكبير في قبال شرحه الصغير عليه المطبوع حديثاً . . وهذا النوع
__________________
(١) أي كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكتاب المفلّس .