لو ضربت خيشوم المؤمن ، بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني ، وذلك أنّه قضى فانقضى على لسان النبيّ الأمي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، أنّه قال : «يا عليّ لا يبغضك مؤمن ، ولا يحبك منافق».
قال ابن أبي الحديد ، في شرحه : «ومراده عليه السلام من هذا الفصل ، إذكار الناس ما قاله فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو : «لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق» وهي كلمة حق ، وذلك لأنّ الإيمان وبغضه لا يجتمعان ، لأنّ بغضه كبيرة ، وصاحب الكبيرة عندنا لا يسمّى مؤمنا ، وأما المنافق فهو الّذي يظهر الإسلام ، ويبطن الكفر ، والكافر بعقيدته لا يحب عليّا (عليه السلام). لأنّ المراد من الخبر المحبة الدينية ، ومن لا يعتقد الإسلام لا يحب أحدا من أهل الإسلام لإسلامه ، وجهاده في الدين ، فقد بان أنّ الكلمة حق. وهذا الخبر مرويّ في الصحاح» (١).
أما تعليق المحقق المضحك ... الدال على جهله بالتأريخ ، وكتب قومه ، وقوله عن قتل الإمام الرّضا (عليه السلام) ، على يد المأمون العباسي : (أورد ابن حبان مقطوعا به وفي اصطلاح علماء الحديث لا يقطع بخبر هذا القتل إلّا برؤية أو شهادة ، وهو لا يملك من هذا سوى الظن ، وإلّا فكيف ثبت لديه أنّ المأمون فعل ذلك أو أمر به» ففي غاية السخافة وفي منتهى الجهالة ، لأنّ استشهاد الإمام الرّضا (عليه السلام) بسم المأمون ، لم يكن بالظنّ الحاصل عند ابن أبي حاتم ... وإنّما هو اليقين الحاصل ، والصدق ، والواقع الذي تناقلته أئمة التأريخ ، من المذاهب الأربعة ، وأجمعت أقوالهم على قتله وذلك سنة ٢٠٣ ه ، من دون استثناء.
فقال أبو الفرج عليّ بن الحسين الأموي الأصبهاني المتوفى ٣٥٦ : ذكر أنّ منصور بن بشير ، قال : إنّ المأمون أمره أن يطوّل أظفاره ففعل ، ثم أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي ، وقال له افركه ، واعجنه بيديك جميعا ، ففعل.
ثم دخل على الرّضا ، فقال له : ما خبرك؟ قال : أرجو أن أكون صالحا.
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ١٨ / ١٧٣.