(عليه السلام) ...
المستجمع لكافة السمات والسجايا.
ولو فرضنا أنّ
الله سبحانه ، لم يكن يودع في وجوده أسرار الإمامة ، وودائع الخلافة الإلهية ، ولم
يعهد إليه مقاليد الحكومة الإسلامية ، بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
بصورة مباشرة ... لكان أيضا جديرا بالتقديس والتعظيم حيث منح للحياة بخطبه ، وكتبه
، ورسائله ، وكلماته ، علما جما ، وحكمة بالغة ، وتبيانا زاخرا ... بالإضافة إلى
أن أطلع على الدنيا بأبناء كانوا ، الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة
الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل الذكر ، وأولي الأمر ، وبقية الله ، وخيرته ،
وحزبه ، وعيبة علمه ، وحجته ، وصراطه ، ونوره ، وبرهانه ... يملئون الحياة قسطا
وعدلا ، ويبثون وينشرون في أرجائها المترامية ، وأجوائها البسيطة المديدة ،
وآفاقها البعيدة النائية ، مثل النور ، والشعاع ، والجمال ، والحق ، والخير ،
والحنان ، والإحسان.
هؤلاء السؤدد
الكرام من ذريّة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وأبناء عليّ (عليه السلام)
المنتجبين المصطفين الأخيار الذين وجدهم الله سبحانه أجدر نفر يتحملون من الله
رسالة الإمامة ، وأمانة الخلافة الإلهية ... فيقوم كل واحد منهم برسالته فلما
انقضت مدّته أودعها للّذي بعده ، حسبما يريده الله تعالى ، وكما يشاء الخالق ...
بعد أن صفّاهم واصطفاهم من خلقه ، فساروا في معارج الأصلاب الشامخة ، وتناقلوا في
الأرحام الطاهرة المطهرة ، لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلبسهم من مدلهمات
ثيابها ، حتى انتهوا إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
أولئك النفر البيض
الخيرة الذين أبدعهم الله تعالى لدينه ليكونوا قادة خير ، وأئمة هداة ، يعملون به
ويدعون إليه ، وينشرون مفاهيمه ، ويبثون أضواءه ، فلا تجد فضيلة من فضائل الحياة ،
ولا سجية من سجايا الطبيعة ، ولا تكامل من القيم ، والمثل في العقيدة ، والمبدأ ،
والحمية ، والنجدة ، والفكر ، والإصلاح ، والصلاح ، والخير ، إلّا وكانوا مفاتيحها
، وأبوابها ، وأعلامها والأدلاء عليها .... وما زالوا الركيزة ، والدعامة الأساسية
في التوجيه ، والفطنة ، وسلامة الضمير ، وطهارة الذات والدوامة التي تعول عليها
الدنيا ، وقطب رحى الحق ، والخير الذي