قال : فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين ... فقدمت الشاة التي صنعت فقالت : إنّه أقسم عليكم أن لا تبرحوا حتّى تتغدوا فتغدينا وارتحلنا.
وروي أنّ عبد الله بن مسعود لما بلغه خبر نفي أبي ذر إلى الربذة وهو إذ ذاك بالكوفة ، قال في خطبة بمحفل من أهل الكوفة : فهل سمعتم قول الله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ ..) يعرض بذلك بعثمان ، فكتب الوليد بذلك لعثمان فأشخصه من الكوفة ، فلما دخل مسجد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر عثمان غلاما له أسود فدفع ابن مسعود وأخرجه من المسجد ورمى به الأرض ، وأمر بإحراق مصحفه ، وجعل منزله حبسه ، وحبس عنه عطاءه أربع سنين إلى أن مات.
وكانت زوجته (أم زر) امرأة سوداء شعثة ليس عليها أثر المجاسد والخلوق. وهي صحابية وشاعرة وأديبة تزوجها أبو ذر بعد أن أسلم ، وفي رواية أنّها أسلمت مع أبي ذر في أول الإسلام ، وجاء أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان إذا أراد أن يبتسم ، قال لأبي ذر : يا أبا ذر حدثني ببدء إسلامك قال : كان لنا صنم يقال له نهم فأتيت فصببت له لبنا ووليت ، فحانت منّي التفاتة فإذا الكلب يشرب ذلك اللبن ، فلما فرغ رفع رجله فبال على الصنم ، فأنشأت أقول :
ألا يا نهم إنّي قد بدا لي |
|
مدى شرف يبعد منك قربا |
رأيت الكلب سامك حظّ خسف |
|
فلم يمنع قفاك اليوم كلبا |
فسمعته أم ذر فقالت :
لقد أتيت جرما |
|
وأصبت عظاما |
حين هجوت نهما |
فخبّرتها الخبر فقالت :
ألا فابغنا ربا كريما |
|
جوادا في الفضائل يا بن وهب |
خما من سامه كلب حقير |
|
فلم يمنع يداه لنا برب |
فما عبد الحجارة غير غاو |
|
ركيك العقل ليس بذي لب |