بأخذك وأتيت لأذهب بك إليه ، وأعوذ بالله من ذلك فالحق بأي بلد شئت وأنا معك.
قال له سعيد بن جبير : ألك هاهنا أهل وولد؟ قال : نعم. قال : إنّهم يؤخذون وينالهم من المكروه مثل الذي كان ينالني. قال الرسول : فإنّي أكلهم إلى الله. فقال سعيد : لا يكون هذا. فأتى به إلى خالد فشده وثاقا وبعث به إلى الحجاج. فقال له رجل من أهل الشام : إنّ الحجاج قد أنذر بك وأشعر قبلك فما عرض له فلو جعلته فيما بينك وبين الله لكان أزكى من كل عمل يتقرب به إلى الله. فقال خالد : وقد كان ظهره إلى الكعبة قد استند إليها ، والله لو علمت أنّ عبد الملك لا يرضى عني الا بنقض هذا البيت حجرا حجرا لنقضته في مرضاته. فلما قدم سعيد على الحجاج ، قال له : ما اسمك؟ قال : سعيد .. قال : ابن من؟ قال : ابن جبير. قال : بل أنت شقي بن كسير. قال سعيد : أمي أعلم باسمي ، واسم أبي.
قال الحجاج : شقيت وشقيت أمك. قال سعيد : الغيب يعلمه غيرك. قال الحجاج : لأوردنك حياض الموت. قال سعيد : أصابت إذا أمي اسمي. فقال الحجاج : لأبدلنك بالدنيا نارا تلظّى ، قال سعيد : لو أني أعلم أنّ ذلك بيدك لاتخذتك إلها. قال الحجاج : فما قولك في محمد؟ قال سعيد : نبي الرحمة ، ورسول رب العالمين إلى الناس كافة بالموعظة الحسنة. فقال الحجاج : فما قولك في الخلفاء؟ قال سعيد : لست عليهم بوكيل ، كل امرئ بما كسب رهين. قال الحجاج : أشتمهم أم أمدحهم؟ قال سعيد : لا أقول ما لا أعلم إنّما استحفظت أمر نفسي. قال الحجاج : أيهم أعجب إليك؟ قال سعيد : حالاتهم يفضل بعضهم على بعض. قال الحجاج : صف لي قولك في عليّ أفي الجنة هو أم في النار؟ قال سعيد : لو دخلت الجنة فرأيت أهلها علمت ، ولو رأيت من في النار علمت ، فما سؤالك عن غيب قد حفظ بالحجاب؟ قال الحجاج : فأي رجل أنا يوم القيامة؟ فقال سعيد : أنا أهون على الله من أن يطلعني على الغيب. قال الحجاج : أبيت أن تصدقني؟ قال سعيد : بل لم أرد أن أكذبك. فقال الحجاج : فدع عنك