المطرّف هو الذي
كتب نص البيعة في ٢٠ ربيع الأول ٦٤٣ ه ، وحين قام إليهم الخليفة السعيد بحنق عظيم
بادروا بطلب العفو واعتذروا عما بدر منهم وبايعوه من جديد وكتب نص البيعة ابن
عبدون في ذي الحجة من نفس السنة . وكان ما أقدم عليه ابن عميرة من أخطر المواقف في حياته
وذلك بإسهامه في محاولة فصل مكناسة عن دولة الموحدين التي كانت في طريقها إلى
الانهيار. ولما قتل الخليفة الموحدي السعيد في صفر سنة ٦٤٦ ه ، اغتنم ابن عميرة
تلك الظروف وغادر مكناسة قاصدا مدينة سبتة ، وفي طريقه إليها سلبت منه ثروته في
فتنة بني مرين الذين بسطوا نفوذهم على المغرب الشرقي وكانت الدولة الموحدية في ذلك
الوقت عرضة لهجماتهم. وقد كتب إلى الشيخ أبي الحسن الرعيني يعلمه بهذه الحادثة وأن
ماله المنهوب قد بلغ أربعة آلاف دينار وكان ورقا وعينا وحليا .
كان ابن عميرة
كثير التطلع إلى إفريقية معمور القلب بسكناها مذ فارق جزيرة الأندلس ، لذلك وبعد
أن أقام فترة قصيرة في سبتة عند واليها الرئيس الأندلسي ابن خلاص الذي اشتغل
بالكتابة عنه فيما يبدو ، ركب البحر متوجها إلى إفريقية حيث ينتهي الفصل الثاني من
حياته الإدارية في المغرب. ووصل مدينة بجاية في شهر جمادى سنة ٦٤٦ ه ودخل على صاحبها
الأمير أبي يحيى ابن الأمير أبي زكرياء الحفصي وكان صاحبها لأبيه. وأقام ابن عميرة
في بجاية حوالي سنتين يعلّم ويدرّس ، وكان الطلبة أثناء ذلك يقرأون عليه تنقيحات
السهروردي في أصول الفقه التي لم يكن يتعرض لإقرائها إلا
__________________