حديث اجتماع أهل البادية لإصراخ
الحاضرة ومناجزة فئة الكفر الحاصرة
/ ٣٢ / وثابت إلى الرعية سكينتهم ، وأنفوا من أن تحصر مدينتهم ، وقالوا أنسلمها للعدو ولنا القوة والجلد ، وفينا العدّة والعدد؟ ولو قرعناه لقلعناه (١) ، ومتى أردناه طردناه ، وجمعوا وحشروا ، وطووا ونشروا ، وانظموا والتأموا ، وتلبّبوا واستلأموا (٢) ، وأرسلوا إلى الوالي أن ابعث لنا رجلا نكون طوعه ، ونأمن من روعه ، فندب لهم من قومه مشهورا بسوء البخت (٣) ، مشهودا له عند البحث بالجبن البحت (٤).
فلمّا دنا بهم من عسكر الرّوم هاج به الخور (٥) ، وهاله قبل الخبر الخبر (٦) ، وفرّ عن القصد المروم بالقلب المروع ، وفرّق تلك الجموع بفرقه المجموع. وهذا الشخص هو الذي أشار على الوالي يوم الوقعة الكبرى
__________________
(١) جناس ناقص بين" قرعناه وقلعناه".
(٢) من اللأمة وهي الدّرع وتطلق على السلاح أيضا. وقد استلأم الرجل إذا لبس ما عنده من عدّة رمح وبيضة ومغفر وسيف ونبل. لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٣٢.
(٣) البخت : كلمة فارسية تكلّمت بها العرب ومعناها الجدّ والحظوة والحظ والرّزق. يقال فلان ذو جدّ في كذا أي ذو حظ. قال صلى الله عليه وسلم : " قمت على باب الجنّة فإذا عامة من يدخلها الفقراء وإذا أصحاب الجدّ محبوسون" ، أي ذو الحظ والغنى في الدنيا. ورجل بخيت : ذو جدّ. والمبخوت : المجدود. لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٩ ، وج ٣ ، ص ١٠٧.
(٤) جناس ناقص بين" البخت والبحت".
(٥) الخور : الضعف. وخار الرجل يخور خؤورا وخور خورا وخوّر : ضعف وانكسر. ورجل خوّار : ضعيف. وكل ما ضعف فقد خار. والخوّار : الضعيف الذي لا بقاء له على الشدة. وفي حديث عمر : " لن تخور قوى ما دام صاحبها ينزع وينزو" ، أي لن يضعف صاحب قوة يقدر أن ينزع في قوسه ويثب إلى دابته. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٦٢.
(٦) الخبر ، بالفتح : ما أتاك من نبأ عمن تستخبر وهو جمع أخبار. والخبر ، بالضم : هو العلم بالشيء أيضا. يقال : لأخبرن خبرك أي لأعلمن علمك. لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٢٧.