فأجابوهم بأنهم
يعطونه منه جملة كثيرة تزلفا بهذه المأثرة ، ويبيعون منهم مثلها نسيئة إلى وقت
الميسرة. وعلم النصارى ذلك فجعلوا على الطريق من أجفانهم مانعا من الإجازة ، قاطعا
للسّفر في تلك المفازة ، فاشتد الغلاء بعدم الغلّة ، وعدم من يقوم بسدّ المهمّين
الثغر والخلّة .
ورقى النصارى
إليهم في بعض الأيام فصدقوهم القتال ، وأجالوا عليهم الأوجال ، وثبت المسلمون لهم
بثبوت صاحبهم ، وفلّوا مضارب الظبي من مضاربهم ، وقتلوا منهم نحو السّبعين رجلا ،
لم يتركوا للذئب وللنسر فيهم أملا ، فإنهم أكلوا منهم وتزودوا ، وذلك بعد ما أفنوا
بقايا الزاد وأنفذوا ، وأنسوا بهذا الترخص ، وشرهوا إلى القتال الدّاخل في باب
التقنص ، فكانوا يقاتلون من جاءهم ، ويقتسمون أسلابهم وأشلاءهم ، ووجدوا في
لهواتهم حلاوتهم.
__________________