ولعل في هذا القول ما يعزز رأينا في سبب اقتصار السكاكي على ما ساقه من المحسنات البديعية ، وإيثارها على غيرها ، ذلك لأن الأمر كله مرجعه إلى الذوق والقدرة على التمييز أو التفصيل بين محسن بديعي وآخر من حيث الأثر الذي يحدثه في الارتفاع بالقول لفظا ومعنى.
٣ ـ ضياء الدين بن الأثير : ٥٨٨ ـ ٦٣٧ ه.
هو أبو الفتح نصر الله بن أبي الكرم محمد الشيباني المعروف با بن الأثير الجزري نسبة إلى جزيرة ولد فيها ، تدعى جزيرة ابن عمر بالموصل.
وضياء الدين بن الأثير هذا هو شقيق مجد الدين بن الأثير ، وعز الدين بن الأثير. وأبناء الأثير الثلاثة هؤلاء اشتهر كل منهم بفن من الفنون ، فمجد الدين المتوفى سنة ٦٠٦ للهجرة من رجال الحديث المشهورين وله مؤلفات مفيدة منها «النهاية في غريب الحديث والأثر» ، وعز الدين المتوفى سنة ٦٣٠ للهجرة من كبار المؤرخين ، وهو صاحب «الكامل في التاريخ» وهو أشهر كتب التاريخ المتداولة بين أيدينا ، ومن أوثق المصادر التاريخية الإسلامية وأوضحها ، بدأ فيه بالخليقة وانتهى إلى آخر سنة ٦٢٨ ه. والكتاب كله مرتب على السنين ، وقد جمع فيه خلاصة الكتب التاريخية التي تقدمته ، واقتبس فيه تاريخ الطبري كله تقريبا بعد حذف الأسانيد وتبعه في ترتيبه ، وجعله ١٢ جزءا كبيرا. ولعز الدين بن الأثير أيضا كتاب «أسد الغابة في معرفة الصحابة» وهو معجم أبجدي في تراجم الصحابة ، في خمسة مجلدات كبيرة.
أما ضياء الدين بن الأثير الأخ الأصغر فهو لغوي أديب ، ومؤلفاته كلها في الأدب والبيان وصناعة الكلام ، وأهم مؤلفاته كتاب «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر».
وكتاب «المثل السائر» الذي هو موضوع بحثنا هنا مقسم إلى مقدمة