بين حريق ورحيق ، وبين جمرة وخمرة ، وبين سيفه وسيبه ، وبين المعتدي والمعتفي.
وفي القسم الذي عقده في كتابه للنظم نراه في الفصل الثالث منه يبيّن أقسام النظم ، ويستهل حديثه عن ذلك بقول عبد القاهر : «إن الكلام إن لم يتعلق بعضه ببعض لم يحتج إلى فكر وروية كاستهلالات الجاحظ في كتبه ، ومثل هذا الكلام لا تظهر فيه قوة الطبع وجودة القريحة ، إنما يظهر ذلك في الكلام الذي تتعلق فيه الجمل بعضها ببعض ، وتلتحم التحاما شديدا» وعند الرازي أن ذلك يجري على وجوه شتى ، عد منها ثلاثة وعشرين وجها استمد معظمها هي وأمثلتها من كتاب الوطواط «حدائق السحر في دقائق الشعر».
ومن هذه الوجوه المطابقة والمقابلة والمزاوجة بين معنيين في الشرط والجزاء معا كقول البحتري :
إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى |
|
أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر (١) |
كذلك يذكر من هذه الوجوه البديعية الاعتراض ، والالتفات ، والاقتباس ، والتلميح. فالاعتراض هو عبارة عن جملة تعترض بين الكلامين وتفيد زيادة في معنى غرض المتكلم ، ومن معجزه في القرآن : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ـ وَلَنْ تَفْعَلُوا ـ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ).
والالتفات ، كما فسره قدامة ، هو أن يكون المتكلم آخذا في معنى فيعترضه إما شك فيه ، أو ظن أن رادّا يرده عليه أو سائلا يسأل عن سببه
__________________
(١) زواج بين نهى الناهي وإصاختها إلى وشى الواشي الواقعين في الشرط والجزاء فرتب عليهما لجاج شيء.