بعد غروبها بساعات» فلفظة من في «من الناس» تفيد معنى التبعيض ، أي بعض الناس ، ولفظة من في «من شروق الشمس» تفيد معنى الابتداء أي ابتداء من شروق الشمس ، فبين الحرفين كما ترى جناس لتماثلهما لفظا واختلافهما معنى.
* * *
٢ ـ الجناس المستوفى : هو ما كان ركناه ، أي لفظاه ، من نوعين مختلفين من أنواع الكلمة ، بأن يكون أحدهما اسما والآخر فعلا ، أو بأن يكون أحدهما حرفا والآخر اسما أو فعلا.
فمن أمثلة الجناس المستوفى بين الاسم والفعل قول محمد بن كناسة في رثاء ابن له :
وسميته يحيى ليحيا ولم يكن |
|
إلى رد أمر الله فيه سبيل |
تيممت فيه الفأل حين رزقته |
|
ولم أدر أن الفأل فيه يفيل (١) |
فالجناس هنا بين «يحيى» الاسم و «ويحيا» الفعل ، وهما متشابهان لفظا مختلفان معنى ونوعا.
ومن أمثلته وفي نفس اللفظين السابقين قول أبي تمام :
ما مات من كرم الزمان فإنه |
|
يحيا لدى يحيى بن عبد الله |
ومنه قول الشاعر :
إذا رماك الدهر في معشر |
|
وأجمع الناس على بغضهم |
فدارهم ما دمت في دارهم |
|
وأرضهم ما دمت في أرضهم |
__________________
(١) الفأل : ضد الطيرة ، وهو لا يكون إلا فيما يستحب ، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء ، ويفيل ، يخطىء.