ذلك شيئا ، ثم رجع إلى الرّبيع ، فغسل يديه بالرمل حتّى أنقاهما ، ثم ضمّ ، يديه كلّ واحدة منهما (١) إلى أختها ، وشرب [بهما (٢)] حسا من الرّبيع ، ثم قال : يا أبا نيزر ، إنّ الأكفّ أنظف الآنية ، ثم مسح كفيه (٣) على بطنه ، وقال : من أدخله بطنه النار فأبعده الله. ثم أخذ المعول ، وانحدر فى العين ، وجعل يضرب ، وأبطأ عليه الماء ، فخرج وقد تفضّج (٤) جبينه عرقا ، فانتكف العرق (٥) عن جبينه ، ثم أخذ المعول ، وعاد إلى العين ، فأقبل يضرب فيها ، وجعل يهمهم ، فانثالت كأنّها عنق جزور ، فخرج مسرعا ، وقال (٦) : أشهد الله أنّها صدقة : علىّ بدواة وصحيفة. قال : فعجلت بهما إليه ، فكتب :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذا ما تصدّق به عبد الله علىّ أمير المؤمنين. تصدّق بالضّيعتين المعروفتين بعين أبى نيزر والبغيبغة ، على فقراء المدينة وابن السبيل ، ليقى الله بهما وجهه حرّ النار يوم القيامة ؛ لا تباعا ولا تورثا (٧) حتّى يرثهما الله ، وهو خير الوارثين ؛ إلّا أن يحتاج إليهما الحسن أو (٨) الحسين ، فهما طلق لهما ، وليس (٩) لأحد غيرهما.
__________________
(١) منهما ساقطة من الكامل.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من كتاب الكامل للمبرد.
(٣) فى الكامل : ثم مسح ندى ذلك الماء.
(٤) كذا فى الكامل بالجيم ، بمعنى سال. وفى الأصول : تفضخ ، بالخاء.
(٥) أزاله.
(٦) فى الكامل : فقال.
(٧) فى الكامل : توهبا ، فى موضع : تورثا.
(٨) أو : كذا فى الكامل. وفى الأصول : (و).
(٩) كذا فى الكامل ، وفى الأصول : ليس ، بدون واو.