وبين منخوس ، على طريق التّجار إلى الشام ، حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم يترقّبان عير قريش ، وفيها (١) أبو سفيان ، فنزلا على كشد (٢) ، فأجارهما.
فلمّا أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبع أقطعها الكشد ، فقال : يا رسول الله ، إنّى كبير ، ولكن أقطعها ابن أخى ؛ فأقطعه إياها ، فابتاعها منه عبد الرحمن ابن أسعد بن زرارة بثلاثين ألفا ، فخرج عبد الرحمن إليها ، فاستوبأها ورمد بها ، وكرّ راجعا ؛ فلقيه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، فقال له : من أين جئت؟ قال : من ينبع ، قد شنفتها ، فهل لك أن تبتاعها؟ قال علىّ : قد أخذتها بالثلاثين (٣). قال : هى لك. فخرج إليها ، فكان أوّل شىء عمله فيها البغيبعة.
قال محمد بن يزيد (٤) : ثنا أبو محلّم محمّد بن هشام ، فى إسناد ذكره ، آخره أبو نيزر. وكان أبو نيزر من بعض أولاد ملوك الأعاجم. قال : وصحّ عندى بعد أنّه من ولد النّجاشى ، فرغب فى الإسلام صغيرا ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [فأسلم (٥)] ، وكان معه فى بيوته. فلمّا توفّى صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم ، صار مع فاطمة وولدها : قال أبو نيزر : جاءنى علىّ وأنا أقوم بالضّيعتين : عين أبى نيزر والبغيبغة ، فقال : هل عندك من طعام؟ قلت : طعام لا أرضاه لأمير المؤمنين ، قرع من قرع الضيعة ، [صنعته (٦)] بإهالة سنخة. فقال : علىّ به. فقام إلى الرّبيع (٧) ، فغسل يديه ، ثم أصاب من
__________________
(١) فى ج : وفيهم.
(٢) ضبط بالقلم بكسر الكاف فى ز ، ق.
(٣) فى ج : بالثمن.
(٤) هو المبرد صاحب كتاب الكامل فى الأدب ، والعبارة هنا فى جميع الأصول تختلف بعض الاختلاف عما فى كتاب الكامل فى «باب من أخبار الخوارج».
(٥) ما بين القوسين زيادة من كتاب الكامل للمبرد.
(٦) زاد الكامل : وهو جدول. وفى تاج العروس : الساقية الصغيرة تجرى إلى النخل ، حجازية.