قال المجد :
وروينا عن الأصمعي قال : وقف أعرابي مقابل قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم
فقال : اللهم إن هذا حبيبك وأنا عبدك والشيطان عدوك ، فإن غفرت لي سرّ حبيبك وفاز
عبدك وغضب عدوك ، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضي عدوك وهلك عبدك ، وأنت أكرم من أن
تغضب حبيبك وترضي عدوك وتهلك عبدك ، اللهم إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد
أعتقوا على قبره ، وإن هذا سيد العالمين فأعتقني على قبره ، قال الأصمعي فقلت : يا
أخا العرب إن الله قد غفر لك وأعتقك بحسن هذا السؤال.
قال المجد : ويجلس
إن طال القيام به ، فيكثر من الصلاة والتسليم.
ونقل في شرح
المهذب عن كتاب آداب زيارة القبور لأبي موسى الأصفهاني أن الزائر بالخيار ، إن شاء
زار قائما ، وإن شاء قعد كما يزور الرجل أخاه في الحياة ، فربما جلس عنده وربما
زار قائما ومارا ، انتهى.
قال المجد : ويأتي
بأتم أنواع الصلاة وأكمل كيفياتها ، والاختلاف في ذلك مشهور ، قال : والذي اختاره
لنفسي : اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وأزواجه ، الصلاة المأثورة ، أي التي
أخبر بها السائل عن كيفية الصلاة عليه : عدد ما خلقت وعدد ما أنت خالق ، وزنة ما
خلقت وزنة ما أنت خالق ، وملء ما خلقت وملء ما أنت خالق ، وملء سماواتك وملء أرضك
، ومثل ذلك ، وأضعاف ذلك ، وعدد خلقك ، وزنة عرشك ، ومنتهى رحمتك ، ومداد كلماتك ،
ومبلغ رضاك ، وحتى ترضى ، وعدد ما ذكرك به خلقك في جميع ما مضى ، وعدد ما هم
ذاكروك فيما بقي في كل سنة وشهر وجمعة ويوم وليلة وساعة من الساعات ونسم ونفس
ولمحة وطرفة من الأبد إلى الأبد أبد الدنيا والآخرة وأكثر من ذلك ، لا ينقطع أوله
ولا ينفد آخره ، ثم يقول ذلك مرة أو ثلاث مرات ، ثم يقول : اللهم صل على سيدنا
محمد وعلى آل سيدنا محمد كذلك ، ثم يتلو بين يدي سيدنا رسول الله صلى الله تعالى
عليه وسلم ما تيسر من القرآن المجيد ، ويقصد الآي والسور الجامعة لصفات الإيمان
ولمعاني التوحيد ، انتهى.
وقال النووي عقب
ما تقدم عنه : ثم يتقدم يعني بعد فراغ الدعاء والتوسل قبالة الوجه الشريف إلى رأس
القبر ، فيقف بين القبر والأسطوانة التي هناك ، ويستقبل القبلة ، ويحمد الله تعالى
ويمجده ، ويدعو لنفسه بما أهمه وما أحبه ، ولوالديه ، ولمن شاء من أقاربه وأشياخه
وإخوانه وسائر المسلمين. وفي كتب الحنفية وغيرهم نحو هذا.
وقال العز بن
جماعة : وما ذكروه من العود إلى قبالة الوجه الشريف ومن التقدم إلى رأس القبر
المقدس للدعاء عقب الزيارة لم ينقل عن فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين رحمهمالله تعالى.