وسنحاول هنا أن نتحدث عن أثر جمال الطبيعة والحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الأغراض الشعرية التي ظهرت في هذه المدينة.
لقد كان لسهول واسط الخضراء وبساتينها الزاهية وحدائقها ووقوعها على ضفتي نهر دجلة أثره على شعراء هذه المدينة الذين أعجبوا بها وصوروا هذا الإعجاب في شعرهم ، فجاء قسم منه وصفا للرياض والبساتين والأشجار والفواكه والأزهار على اختلاف أنواعها (١). وقسم آخر لوصف النجوم والشمس والقمر والغيوم (٢).
إن اختلاط العرب بالفرس وغيرهم من الأجناس الأخرى بواسط والتطورات الحضرية الواسعة التي حصلت في العصر العباسي كل ذلك أدى إلى تسرب بعض العادات والتقاليد الغريبة إلى مجتمع هذه المدينة ، فانتشر اللهو والمجون وشرب الخمر ، وقد صور لنا الشعر هذه الظاهرة ، فظهر شعراء وصفوا الخمر وأوانيها ، ومجالسها وسقاتها وحثوا الناس على شربها منهم أبو الفرج بن السوادي الواسطي الذي قال :
يوم أظلّ بحلّة دكناء |
|
فسماؤه محجوبة بسماء |
ظلت ثغور بروقه مفترّة |
|
لما استهلّت سحبه ببكاء |
وأتت تحاكي الشمس فيه قينة |
|
صفراء في ديباجة صفراء |
والكأس ترضعني حميّا كلما |
|
نوت الفطام عققتها بالماء |
يسعى بها في الشرب ألمى لو يشا |
|
لأمدّها من وجهه بسناء |
__________________
(١) سؤالات السلفي ، ٥٩. انظر : حكاية أبي القاسم البغدادي ، ٨٨. التنوخي ، نشوار المحاضرة ، ٨ / ١٧٦. الأصبهاني ، خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٣٢٢ ، ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٤١٧ ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٩٩ ، ٥٠٠. ياقوت ، معجم البلدان ، ٥ / ٣٥٠. ذيل (مخطوطة) ج ١ ، ق ١ ، ٢٢.
(٢) سؤالات السلفي ، ٥٩. الثعالبي ، يتيمة الدهر ، ٢ / ٣٧٢. خريدة القصر ، ج ٤ ، م ١ ، ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ج ٤ ، م ٢ ، ٤٩٩ ، ٥٠٠. معجم البلدان ، ١ / ٤٤٢. الكتبي ، فوات الوفيات ، ٤ / ١٧٢.