فيها (١). والراجح أن هؤلاء كانوا قد استقروا بواسط ومنطقتها وذلك لكي يكونوا بالقرب من إقطاعاتهم ، والدليل على هذا وجود بعض الروايات التي تشير إلى استقرار الديلم بواسط في فترات مختلفة. فابن الأثير يذكر أنه في سنة ٤٠٨ ه / ١٠١٧ م ضعف أمر الديلم ببغداد ، وطمع فيهم العامة فانحدروا إلى واسط ، فخرج إليهم عامتها وأتراكها ودارت معركة بين الطرفين قتل فيها من أتراك واسط وعامتها خلق كثير (٢). فمن المحتمل أن هؤلاء أقاموا بواسط بعد انتصارهم على الأتراك. وفي سنة ٤١١ ه / ١٠٢٠ م سار الديلم الذين كانوا بواسط مع مشرف الدولة والتحقوا بخدمته «فحلف لهم وأقطعهم» (٣) ولعل هؤلاء هم الذين تقدم ذكرهم.
ويذكر ابن الفوطي أنه في سنة ٤٢٦ ه / ١٠٣٤ م أرسل القائد البويهي فخر الجيوش أبو الحجاج سراهنك بن خواجه الديلمي الديلم والأتراك الذين كانوا بفارس والأحواز إلى الديلم الذين كانوا بواسط وبغداد (٤).
وترد آخر إشارة إلى الديلم بواسط في سنة ٤٤٨ ه / ١٠٥٦ م ، فقد ذكرنا في الفصل الأول أنه في هذه السنة خرج والي واسط أبو الغنائم على طاعة الخليفة العباسي القائم بأمر الله وخطب للمستنصر بالله الفاطمي ، فأيده الديلم بواسط ، والذي نراه أن هؤلاء أرادوا إعادة سلطان البويهيين والقضاء على حكم السلاجقة في العراق.
ومن المرجح أن بعضا من هؤلاء الديلم ظلوا بإقطاعاتهم بواسط بعد هذا التاريخ.
وإلى جانب ما ذكرنا من عناصر ، فقد كان يسكن بواسط ومنطقتها
__________________
(١) مسكويه ، تجارب الأمم ، ٢ / ١٧٥. معجم البلدان ، ٣ / ٤٢٢.
(٢) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٣٠٤. انظر : العيني ، عقد الجمان (مخطوطة) ق ٤ ، ج ١٩ ، ورقة ٦٦٢.
(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ٩ / ٣١٨.
(٤) تلخيص مجمع الآداب ، ج ٤ ، ق ٣ ، ١٧٣ نقلا عن تاريخ الصابي.