فوجّه السؤال عنه إلى الأئمة :
روى الطوسي ، بسنده عن سالم بن أبي حفصة ، قال :
لما هلك أبو جعفر ، محمّد بن علي الباقر عليه السلام ، قلت لأصحابي : انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله ، جعفر بن محمد ، فاُعزّيه به ، فدخلت عليه ، فعزّيته ثم قلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ذهب ـ والله ـ من كان يقول : « قال رسول الله » فلا يُسأل عمّن بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وآله ، والله لا يرى مثله أبداً ؟ !
قال : فسكت أبو عبد الله عليه السلام ساعة ، ثم قال : قال الله تبارك وتعالى إنّ من عبادي من يتصدّق بشق من تمرة فاُربيها له كما يربي أحدكم فِلوه (٢١١) حتى أجعلها له مثل جبل اُحد فخرجت إلى أصحابي ، فقلت : ما أعجب من هذا ! كنّا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله بلا واسطة ، فقال أبو عبد الله : « قال الله تعالى » بلا واسطة ! (٢١٢) .
ويبدو من هذه الرواية أنّ هذا الأمر كان موضع بحث واهتمام من قبل الرواة ، لكنّ الرواة الشيعة كانوا يقنعون بما بيّنه الأئمّة عليهم السلام في تبرير ظاهرة الإرسال في أحاديثهم ، فقد روى الشيخ المفيد في الأمالي ، بسنده ، عن جابر ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام إذا حدّثتني بحديث فأسْنِدْهُ لي ؟ .
فقال : حدّثني أبي ، عن جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله عن جبرئيل ، عن الله عزّ وجلّ ، وكل ما اُحدّثك بهذا الإسناد (٢١٣) .
وروى في الإرشاد ، مرسلاً ، قال : وروي عنه عليه السلام أنّه سئل عن الحديث ، تُرسله ولا تُسنده ؟ ! .
فقال : إذا حدّثت الحديث فلم أسنده ، فسندي فيه : أبي ، عن جدّي ، عن أبيه ، عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، عن جبرئيل ، عن الله عزّ وجلّ (٢١٤) .
وروى الكليني ، بسنده ، عن هشام بن سالم ، وحمّاد بن عثمان ، وغيرهما قالوا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث الحسين ، وحديث الحسين حديث الحسن ، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام ، وحديث أمير المؤمنين عليه السلام حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله وحديث رسول الله صلّى الله عليه وآله قول الله عزّ وجلّ (٢١٥) .
وقد صرّح علماء الدراية من أعلام الشيعة بهذا الأمر المسلّم :