والتعبير بأنّه يروي « نسخة » ، قرينة على أنّه ـ أي ابن الأشعث ـ ليس هو المؤلّف لأنّه أولاً : مجرد راو للكتاب ، وثانياً : أنّه ـ أي الكتاب ـ نسخة ، ومعنى النسخة كما أسلفنا هو : الكتاب المؤلّف المنقول بكامله عن آخر وبهذا يندفع الإحتمال الأوّل .
وأمّا الإحتمال الثالث الذي ذكره المجلسي ، فيردّه مع انفراده به ، تواتر نسبة الكتاب المذكور ـ المعروف باسم الأشعثيّات ـ إلى إسماعيل والد موسى .
وعلى فرض كون الإمام الصادق هو المؤلّف ـ وهو الإحتمال الثاني ـ فلا وجه لوصف إسماعيل بأنّه أسند عن الصادق لأنّه لم يُسنِد عنه ولم يرو عنه ، وإنّما الراوي عنه هو ابنه الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وإسماعيل يروي عن أبيه الكاظم مباشرة ، فتكون روايته عن الصادق مع الواسطة .
وبهذا اتضح عدم النقض على ما التزمناه من المعنى في قوله « أَسْنَدَ عنه » لعدم اجتماع الشروط في إسماعيل . ولا يصحّ على فرض أنّ الكتاب هو من تأليف الإمام الصادق عليه السلام أن يقال في حقّ إسماعيل أنّه أسندَ عن الكاظم عليه السلام بمجرد توسط الإمام الكاظم في نقله وروايته لكتاب هو في الحقيقة من تأليف أبيه الصادق عليهما السلام .
القيمة العلميّة لهذا الوصف :
وأما قيمة هذا الوصف من الناحية الرجالية ، فنقول : إنّ الإلتزام بمنهج الإسناد المصطلح ، أي الرواية بسند متّصل إلى النبي صلّى الله عليه وآله ، بالنسبة إلى ما يرويه أئمة أهل البيت الإثنا عشر عليهم السلام ، ليس له ملزم عند المعتقدين بإمامتهم من الشيعة ، لأنّهم يرون أنّ الأئمة لديهم المعرفة التامة بالشريعة من مصادرها وينابيعها ، وبما أنّ الأدلّة القطعية من الكتاب المحكم والسنة المتواترة دلّت على حجيّة قولهم ، وطهارتهم من الكذب والباطل ، ووجوب اتّباعهم والأخذ منهم ، كما ثبت ذلك في كتب الكلام والإمامة .
فالأئمة
عليهم السلام لا يسألون عن سند ما يروونه من الأحاديث ، ولا عن مدرك ما يدلون به من أحكام . وقد جرى هذا الأمر لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام مجرى المسلّمات وتصدّى بعض الرواة لحسم الموقف تجاه هذا الأمر ،