ومقصود
الشيخ التنصيص على إسناد الرواية عن الإمام ، باعتبار أنّ الإسناد له خصوصيّة زائدة على مجرد الرواية . وقد يُستأنس في هذا المقام بما ذكره الخطيب البغداديّ في ذكر الإمام الباقر عليه السلام ما نصّه : وقد أَسْنَدَ محمد بن علي
الحديث عن أبيه وذكر حديثاً مسنداً مرفوعاً إلى النبي
صلّى الله عليه وآله رواه الإمام الباقر عن أبيه عن آبائه معنعناً وقال ابن الجوزي : أَسْنَدَ أبو جعفر ، عن جابر
بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وقال في ترجمة الصادق : أسْنَدَ جعفر
بن محمد ، عن أبيه والملاحظ أنّ ابن الجوزي استعمل قوله (
أسند فلان عن فلان ) في كثير من التراجم بعد طبقة الصحابة ، فليلاحظ هذا ، مضافاً إلى ما سيأتي في الأمر الثاني من إثبات عود الضمير في ( عنه ) إلى الإمام ، وهو يقتضي تعيّن كون الفعل ( أسند ) منسوباً إلى الراوي .
الأمر
الثاني : أنّ الضمير المجرور بعن يعود إلى الإمام عليه السلام
لا
خلاف بين الخبراء في أنّ من دأب الشيخ استعمال الضمائر العائدة إلى الأئمة في كل باب بدلاً من ذكر أسمائهم ، فيقول في باب أصحاب الباقر عليه السلام مثلاً : روى عنه والضمير عائد إلى الباقر عليه السلام بلا
خلاف ، أو يقول : روى عنهما والضمير عائد الى الإمامين الباقر
والصادق عليهما السلام وإن لم يسبق لهما ذكر ظاهر وهذا اصطلاح من الشيخ ، وأطبق الأصحاب على الإلتزام به .
ثمّ
إنّ وحدة السياق في تعبير الشيخ ، كما يقول الكلباسي تقتضي عود الضمير المجرور بعن في قوله « أسند عنه » إلى الإمام الذي عُقد الباب لذكر أصحابه ، فالمفهوم من قول الشيخ في ترجمة غياث بن إبراهيم ـ مثلاً ـ من أصحاب الصادق عليه السلام : « أسند عنه » وروى عن أبي الحسن عليه السلام هو أن الرجل أَسْنَدَ عن الصادق عليه السلام وله الرواية عن الكاظم عليه السلام . وقد
التزم بذلك الشيخ محمد والشيخ عبد النبي في الحاوي .
هذا
، مضافاً إلى أنّ الضمير لو لم يعد الى الإمام ، فلا بدّ أن يكون عائداً إلى الراوي ، إذ لا معنى لعوده إلى غيرهما ، كما لم يحتمله أحد أيضاً ، ولو عاد إلى
الراوي لكان قوله « أسندَ عنه » دالّاً على خصوصية في الراوي ، فهي لا بدّ أن تكون ملازمة
له في جميع الأبواب كسائر خصوصياته وصفاته ، لكن هذا لم يثبت مع الموصوفين بكلمة