إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأسيس الغرب الإسلامي

تأسيس الغرب الإسلامي

تأسيس الغرب الإسلامي

تحمیل

تأسيس الغرب الإسلامي

99/262
*

في الصدقات والعشر وأراد تخميس البربر» (١). وقد أثار الرجوع إلى هذه الوضعية القديمة كما هو متوقّع انتفاضة البربر في سنة ١٢٢ ه‍. وبعد مرور ثلاث عشرة سنة على هذا التاريخ رفض عبد الرحمان بن حبيب قبول أمر المنصور في إرسال العبيد البربر كاتبا إليه : «إنّ إفريقية اليوم إسلامية كلّها وقد انقطع السّبي منها» (٢) ، وكان هذا سبب القطيعة بين عبد الرحمان وأبي جعفر.

إذن توقّف تيّار السّبي وإرسال العبيد بصفة مؤكّدة حوالى ١٣٧ ـ ١٣٨ ه‍. ويجب أن نفهم أنّ الأسلمة الكاملة تمّت في هذا التاريخ والأرجح أنها تمّت فيما قبل ، في عهد هشام بن عبد الملك (١٠٥ ـ ١٢٥ ه‍). ومشكلة العبيد هذه لا يبدو أنها كانت نتيجة غارات خالصة وعنيفة بعد زمن موسى بن نصير حيث وجدت بالفعل آنذاك وإنما نتيجة ابتزازات من طرف الحكم العربي وجشع مركز الخلافة ، أي اعتبار البربر كأهل ذمّة وليس كمسلمين وفي بعض الأحيان كغنيمة حتّى في زمن السّلم. لعلّ هذا المشكل يفسّر أسلمة أغلبية البربر وليس فقط النوميديين الأوائل من جماعة الكاهنة. وهذه الظاهرة ، من وراء المسألة الجبائية ، تسترعي الانتباه. ففي هذه الفترة لم يحصل إسلام العجم المغلوبين إلّا في خراسان في العهد العباسي طوال القرن الثاني وليس في لحظة سريعة ، فلم يسلم الفرس ولا النبطيون من أهل السواد ولا القبط في العهد الأموي وقليلا ما أسلموا في العهد العباسي الأوّل. ذلك أنّ البربر ، خارج إفريقية بالمعنى المضبوط ، كانوا قبائل رحّل لم يدخلوا في المسيحية قبلا وأنّ العرب ، كما قلنا ، أشركوا قسما كبيرا منهم في الجهاد. وهذا النمط من التركيبة الاجتماعية والدينية سنجده فيما بعد عند الأتراك والتركمان وهم أيضا دخلوا في الإسلام بسرعة. أمّا الحضر ، فيحافظون على ديانتهم ويقبلون بالجباية في كل بلاد الإسلام وهذا ما حدث في إفريقية ، حيث

__________________

(١) البيان المغرب ، ج ١ ، ص ص ٥١ ـ ٥٢.

(٢) البيان ، ج ١ ، ص ٦٧.