والصلح يعني الإتاوة الجملية لمدينة أو مقاطعة لم تقاوم الغزو بالقوّة وإنما استسلمت دون قتال وهو وضع مخفّف كثيرا ما وجد في إيران.
وبخصوص المغرب ، باستثناء المدوّنة ، فإنّ نصوصنا الفقهية متأخّرة ولا ندري على أيّة حال ما هي مصداقيتها على أرضية الواقع ، لكن ليست بأيدينا وثائق (أرشيف) مثلما نجد ذلك في فرنسا الكارولنجية في نفس الفترة سواء أتت من الكنيسة أو من الدولة من مثل الCapitulaire de Villis أو وثائق ديرPaint Germais des Pres وغيرهما ، كما أنّ العهد الفيودالي في أوروبا حفظ لنا عددا كبيرا من التعهدات والوثائق بتسمية الCarta. من هنا أتت الصعوبات بالنسبة للمؤرّخ في تدقيق الوضع الجبائي والمالي والاقتصادي في الإسلام الأموي والعباسي. ومن هنا بقيت تصوّراتنا غامضة حتى بالنسبة للشرق وأكثر من ذلك بالنسبة للمغرب ، وهو ما يفسّر اختلافات المؤرّخين المعاصرين.
فحسين مؤنس مثلا يستبعد تماما فكرة التطبيق العادي على أرض إفريقية لمؤسسة الخراج الإسلامية (١) وقد طبقت في كلّ مكان. أمّا محمد الطالبي (٢) فإنّه يعتبر مسبقا أيضا ، على عكس المؤلّف السابق ، أنّ الوضع القانوني لأرض الخراج انطبق على الأرجح على إفريقية سوى أنّ هذا النظام" أقحم دفع العبيد في الجباية العادية". وهذه النقطة الأخيرة لا تصحّ على أرض إفريقية بالمعنى المضبوط حيث الزراعة والمدن وإنّما إلى فترة معيّنة على المغرب الأوسط والأقصى ، وهذا في ظروف غير عادية وعابرة ، وهي انطبقت أساسا سواء في الطفرة الأولى للفتح أو بعد ذلك على أرض" نوبيا" ـ مؤسسة البقت ـ أو على صحاري طرابلس وبرقة وفزّان وسط قبائل الرّعاة الفقيرة. إنّما ظاهرة اغتصاب العبيد طبعت المجال الإفريقي فعلا بمتطلباتها ، كما ستطبع فيما بعد وبصفة رهيبة بلاد السودان.
__________________
(١) فتح العرب للمغرب ، م. س ، ص ٢٧٣ ـ ٢٧٨.
(٢)» Rapports de l\'Ifrqiya et de l\'orient au VIII siecle «, Cahiers de Tunisie, ٧, ٩٥٩١, pp. ١٠٣ ـ ٢٠٣
.