الصّدقات والأعشار (١) وديوان الطّراز (٢) ، لكنّها تصمت على عكس ذلك عن أجهزة ثانوية صغيرة لها وجود مثبت في الشرق بالأساس في العهد العبّاسي الأوّل : من مثل دواوين المكوس (٣) والنّفقات والمستغلّات والخاتم. ونحن نرجّح بالرّغم من هذا الصّمت وجود هذه المصالح بإفريقية على الأقلّ في عهد المهلّبيين الذين طبعوا الآلة الإدارية الإفريقية بتجربتهم الشرقية ولأنّهم كانوا طموحين وراغبين في التأكيد على مرتبة عالية لسلطات الوالي وهيبته ، وهذا ينطبق بالخصوص على يزيد بن حاتم الذي ظهر حقا بمظهر الأمير شبه المستقلّ.
ومن الممكن أنّ بعض هذه الأجهزة استعملت في البداية الهيكل التّقني البيزنطي وبالتّالي أبقي على مقرّها في قرطاج ، ونميل إلى هذا الاعتقاد خصوصا بالنسبة إلى دار الضرب وهي مؤسّسة هامّة جدا حافظ عليها العرب في شكلها الأصلي أكثر من ربع قرن (٤). لكنّا نتوقّف عند إشارة خاصة للبكري بخصوص سوق للضّرب في القيروان قرب القصر والذي لا بدّ أنه أخذ اسمه من قربه من دار الضّرب (٥) التي تكون انتقلت إلى القيروان حيث حلّت بجوار القصر.
وقد يقال نفس الشيء بالنسبة إلى منشآت أخرى ، التي تعتبر ثانوية إلى حدّ ما مثل دار الرّزق : فهي في القيروان ولها محلّ خاصّ بها مثلما جرى عليه الأمر في الكوفة والبصرة. ودار الرّزق توزّع الحبوب على المقاتلة وعائلاتهم زيادة على العطاء النقدي الذي هو من شأن ديوان العطاء. وهذا الديوان كسائر الدواوين المركزية الأخرى مثل الجند
__________________
(١) يذكر المالكي أنّ حنش الصنعاني كان أوّل من سمّي على رأس هذا الديوان : رياض ، ص ٣٨.
(٢) نجد الآن قماشا مصنوعا من ديوان" طراز إفريقية" وكان مخصّصا لمروان بن محمّد : انظر» Revon Guest Islamic Textiles «، في Pourlington Magazine ، ١٩٣٢ ، ص ١٨٥ ؛ وG.Wiet ,L\'exposition persane de ١٣٩١ ، ص ٥.
(٣) وجوده ثابت في مصرفي فترة ارتباط الولايتين : فتوح مصر ، ص ١٣٥.
(٤) محمّد الشّابي ، مقال مذكور ، Africa ، ١٩٦٦ ، ص ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٥) Description ، ص ٢٢.