وإن صخرا لتأتم الهداة به |
|
كأنه علم في رأسه نار |
وبالله اسأل يا أمير المؤمنين إعفائي عما استعفيته ، قال : قد فعلت ، اذكري حاجتك ، قالت : يا أمير المؤمنين إنك للناس سيد ولا مورهم مقلد ، والله سائلك عما افترض عليك من حقنا ، ولا تزال تقدم علينا من ينهض بعزك ، ويبسط بلسانك ، فيحصدنا حصاد السنبل ، ويدوسنا دياس البقر ، ويسومنا الخسيسة ، ويسألنا الجليلة.
هذا ابن أرطأة قدم بلادي وقتل رجالي ، وأخذ مالي ، ولو لا الطاعة لكان فينا عز ومنعة ، فأما عزلته فشكرناك ، وإما لا فعرفناك. فقال معاوية : إياي تهددين بقومك؟ والله لقد هممت أن أردك إليه على قتب أشرس فينفذ حكمه فيك فسكتت ثم قالت :
صلى الآله على روح تضمنه |
|
قبر فأصبح فيه العدل مدفونا |
قد حالف الحق لا يبغى به بدلا |
|
فصار بالحق والايمان مقرونا |
قال : ومن ذلك؟ قالت : علي بن أبي طالب رحمهالله تعالى. قال : ما أرى عليك منه أثرا ، قالت : بلى ، أتيته يوما في رجل ولاه صدقاتنا فكان بيننا وبينه ما بين الغث والسمين فوجدته قائما يصلي فانفتل من الصلاة ثم قال برأفة وتعطف : ألك حاجة؟ فأخبرته خبر الرجل فبكى ثم رفع يديه إلى السماء فقال : اللهم إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا ترك حقك ، ثم أخرج من جيبه قطعة من جراب فكتب فيها : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ. بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك حتى يأتي من يقبضه منك والسلام» فعزله يا أمير المؤمنين ما خزمه بخزام ، ولا ختمه بختام.
فقال معاوية : اكتبوا لها بالإنصاف والعدل عليها ، قالت : ألي خاصة أم لقومي عامة؟ قال : وما أنت وغيرك؟ قالت : هي والله إذا الفحشاء واللؤم إن كان عدلا شاملا وإلا يسعني ما يسع قومي ، قال : هيهات! لمظكم ابن أبي طالب الجرأة وغركم قوله :
فلو كنت بوابا على باب جنة |
|
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام |