على بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكّرن ) (١) صدق الله العلي العضيم.
ولعمري ان الذين يعتقدون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله يميل به الهوى ويحيد به عن طريق الحق فيقسم قسمة لا يريد بها وجه الله وإنما تبعا لهواه وعاطفته ، والذين يتنزهون عن أشياء يصنعها رسول الله اعتقادا منهم بأنهم أتقى لله وأعلم به من رسوله ، فهؤلاء ليسوا جديرين بذلك التقديس حيث ينزلهم البعض منزلة الملائكة فيحكمون بأنهم أفضل الخلق بعد رسول الله وأن المسلمين مدعوون لاتباعهم والاقتداء بهم والسير على سنتهم لا لشيء إلا لانهم صحابة رسول الله وهذا يتناقض مع أهل السنة والجماعة الذين لا يصلون على محمد وآله إلا ويضيفون إليهم الصحابة أجمعين وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد عرف قدرهم وأنزلهم منزلتهم فأمرهم بأن يصلوا على رسوله وأهل بيته الطاهرين ليا لاعناقهم ليخضعوا ويعرفوا مكانة هؤلاء عند الله فلماذا نجعلهم نحن في منزلة فوق منزلتهم ونسويهم بمن رفع الله قدرهم وفضلهم على العالمين.
ودعني أستنتج بأن الامويين والعباسيين الذين ناصبوا أهل البيت النبوي العداء فأبعدوهم وشردوهم وقتلوهم وأتباعهم وشيعتهم ، تفطنوا لما في هذه المزية من الفضل العميم والخطر الجسيم ، فإذا كان الله سبحانه لا يقبل صلاة مسلم إلا إذا صلى عليهم ، فبماذا يبررون عداءهم وانحرافهم عن أهل البيت ، ولذلك تراهم ألحقوا الصحابة بأهل البيت ليموهوا على الناس بأن أهل البيت والصحابة في الفضل سواء. وخصوصا إذا عرفنا أن ساداتهم وكبراءهم هم بعض الصحابة الذين استأجروا ضعفاء العقول ممن صحبوا رسول الله أو من التابعين ليرووا الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة وبالاخص في من اعتلوا منصة الخلافة وكانوا سببا مباشرا في وصولهم ـ أي الامويين والعباسيين ـ إلى الحكم والتحكم في رقاب المسلمين والتاريخ خير شاهد على ما أقول ؛ إذ أن عمر بن الخطاب الذي اشتهر بمحاسبة ولاته وعزلهم لمجرد شبهة نراه يلين مع معاوية بن أبي سفيان ولا يحاسبه قط وقد ولاه أبو بكر وأقره عمر طيلة حياته ولم يعترض عليه حتى بالعتاب واللوم ، رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية ويقولون له إن معاوية يلبس الذهب والحرير اللذين حرمهما رسول الله على الرجال ، فكان عمر يجيبهم : « دعوه فإنه كسرى العرب »
__________________
( ١ )سورة الجاثية ـ آية ٢٣.