ناصر الدين لم تزل منصورا |
|
شكر الله سعيك المشكورا |
وله في أبي الحسين الرسي (١) مرثية وهي :
وهت عضد الاسلام واندقّ كاهله |
|
وغالت بنيه في الأنام غوائله |
وكان يستغرق أكثر شعره هجاء السوقة والسقاط (٢) ومن احسن شعره كلمته في أسعد بن أبي يعفر وأولها (٣) :
يا طائرين أخال البين فارتفعا |
|
ان النوى قد قضت أوطارها فقعا |
ولم يزل فيها من كتبة الديوان بلغاء غير مولدي الكلام ولا مستخفي المعاني ومبعدي الاستعارات مثل بني أبي رجا وغيرهم. وكان بشر بن أبي كبار البلوي من أبلغ الناس وكانت بلاغته تتهادى في البلاد وكان له فيها مآخذ لم يسبقه اليه أحد ولم يلحقه فيه ، وتعجب بلاغته ونفاستها وأنه فيها أو حد وأنه لا يشابه بلاغته البلغاء وانه منفرد بحسن اختلاس القرآن اثبتنا منها عشر رسائل ليستدل بها على ما وراءها وأقل الأثر دليل على قدر المؤثر (٤). كتب بشر إلى ابراهيم بن عبد الله الحجبيّ (٥) والى صنعاء لهارون الرشيد ـ وكان قدم صنعاء سنة اثنتين وثمانين ومائة فأقام بها سنة وشهرا ثم صرف ـ في بغي هشام الأبناوي عليه وكان قد عزم على أن يولي بشرا بعض نواحي اليمن فكسر غلّته هشام بن يوسف (٦) : أما بعد فان رآى الأمير امتع الله به أن لا يعلم هشاما ما يريد من صلتي فانه لم يردني وآلي قط بخير ولم يفتح لي باب صلة فتكون منه خالصة
__________________
(١) أبي الحسين الهادي : انظر ترجمته ج ١ ـ ٢٥٠ ، الاكليل والتاريخ وقرة العيون ، وسيرته أيضا.
(٢) كذا في الأصل و «ب» وفي «ل» : السقط.
(٣) أسعد بن يعفر : هو المكنى أبا حسان فارس حمير وملك اليمن ، انظر ترجمته ج ٢ ـ ١٨٤ من الاكليل وتاريخ عمارة والتاريخ وقرة العيون ، ولم أعثر على هذه القصيدة.
(٤) أورد الرسائل العشر صاحب التاريخ المجهول ، كما أني عثرت لدى الأخ الوزير محمد بن عبد الله العمري ـ رحمهالله ـ على فهرست الكتب التي قد تفهرست في خزانة ميلانو بايطاليا فطالعتها فوجدت في مضامينها رسائل البلوي (؟) ففرحت بذلك ظنا أنها غير ما في صفة جزيرة العرب فكلفت الوزير الايطالي لدى الجمهورية اليمنية أن يطلب لي صورة منها ففعل مشكورا ، فلما وصلت طالعتها فاذا هي نفس هذه الرسائل. فرحم الله أبا محمد فانه بحق سباق غايات وصاحب آيات.
(٥) في التواريخ اليمنية ان اسمه ابراهيم بن عبيد الله بن عبد الله بن طلحة ، وأنه أقام سنة ـ راجع التاريخ ٥.
(٦) هو هشام بن يوسف المتقدم ترجمته وكان له ضلع في عزل الحجبي.