الله تعالى عليه سورة النجم ؛ فقرأها ، حتى إذا بلغ قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى)(١) ، وسوس إليه الشيطان بكلمتين ، فتكلم بهما ، ظانا أنهما من جملة الوحي وهما : «تلك الغرانيق (٢) العلى ، وأن شفاعتهن لترتجى» ، ثم مضى في السورة ، حتى إذا بلغ السجدة ، سجد وسجد معه المسلمون والمشركون.
لكن الوليد بن المغيرة لم يتمكن من السجود ، لشيخوخته ، أو لتكبره ـ على الخلاف ـ فرفع ترابا إلى جبهته فسجد عليه ، وقيل : إن الذي فعل ذلك هو سعيد بن العاص ، وقيل كلاهما ، وقيل : أمية بن خلف ، وصحح ، وقيل : أبو لهب ، وقيل : المطلب.
وأضاف البخاري سجود الإنس والجن ، إلى مجموع المسلمين ، والمشركين وطار الخبر في مكة ، وفرح المشركون ، بل ويقال : إنهم حملوا الرسول ، وطاروا به في مكة من أسفلها إلى أعلاها.
ولما أمسى جاءه جبرائيل فعرض عليه السورة ، وذكر الكلمتين فيها ؛ فأنكرهما جبرئيل ؛ فقال «صلى الله عليه وآله» : قلت على الله ما لم يقل؟ فأوحى الله إليه : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً ، وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ، إِذاً لَأَذَقْناكَ)
__________________
(١) الآيتين ١٩ و ٢٠ من سورة النجم.
(٢) الغرانيق ، جمع غرنوق بكسر الغين : طيور الماء. شبهت الأصنام بها لا رتفاعها في السماء فتكون الأصنام مثلها في رفعة القدر ، والغرنوق أيضا : الشاب الأبيض الناعم.