إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

رحلة ديللافاليه إلى العراق

رحلة ديللافاليه إلى العراق

رحلة ديللافاليه إلى العراق

تحمیل

رحلة ديللافاليه إلى العراق

71/192
*

سيدتي الجميلة معاني تعتبر العربية لغتها الطبيعية ، لكنها تتكلم التركية جيدا ، ولذا فهي تحدثني بهذه اللغة لأني لم أتقن العربية بعد ، لكنها تنطق التركية بلهجة بغداد بما فيها من ألفاظ وتعابير تختلف عن لهجة اسطنبول ..

أما في الأمور الدينية فمعلومات زوجتي تقتصر على ما تلقنته في أسرتها ، فقد منحوها أكبر قسط مما عرفوه في ديارهم السابقة حيث كانت المسيحية أكثر ازدهارا من بغداد. لكن ثقافتها الدينية من حيث النتيجة أقل كثيرا مما هي في ديارنا إذ تقتصر معارفها الدينية على بعض الصلوات الضرورية والروايات الدينية وشيء من التقاليد الموروثة لا أكثر.

كان عمرها أربع سنوات عندما قدمت أسرتها إلى بغداد وفي هذه المدينة نمت وترعرعت وكان عدد النصارى في بغداد قليلا فقد مرت فترة من الزمن لم يكن فيها نصارى أبدا (١) ولكن في الفترة الأخيرة وفد إليها عدد منهم من مختلف الجهات ينتمون إلى مختلف الطوائف ، التجأوا إليها للتخلص من الحروب المتكررة والفتن والاضطرابات التي كانت تنشب في ديارهم ، فجاؤوا إلى هنا طلبا للاستقرار والأمان. ونظرا لقلة عددهم وحداثة تجمعهم في هذه المدينة ، لم يسمح لهم حتى الآن بممارسة شعائرهم (علنيّا) لذا فهم يمارسونها بالخفاء نوعا ما ولا يتظاهرون بها. فحالتهم حرجة ، وجهلهم بالأمور الدينية مطبق. وإذ ليس لهم كنائس فلا وجود للأسرار المقدسة والخدم الدينية عندهم ، ولا وجود للقسس. وإذا حضر هؤلاء فهم غير صالحين للخدمة بسبب جهلهم العميق ، إذ لا استعداد لهم لتثقيف الشعب. وهم بخلاء جدا لا يقدمون

__________________

(١) إنه ينوه بما حدث للنصارى إثر الاحتلال الفارسي لبغداد على عهد الشاه إسماعيل الصفوي سنة ٩١٤ ه‍ (١٥٠٨ م) فقد ذكر ياسين بن خير الله الخطيب العمري الموصلي قال : «ثم تقدم شاه إسماعيل إلى بغداد وملكها ، وقتل صاحبها وأكثر أهلها مسلمون سنيّون ، ولم يسلم من فتكه إلا اليهود ، فإن أغلبهم نجوا. أما النصارى فإنه لم يبق منهم باق بل ولا أثر» الدر المكنون في مآثر الماضية من القرون. انظر مقالنا : كنائس بغداد عبر التاريخ ـ مجلة بين النهرين عدد ٣٢ / ١٩٨٠ ، ص ٤١٨ وكتابنا : كنائس بغداد ودياراتها ، ص ١٣٨ ـ ١٣٩.