متوازيين هما الأبيض والأسود أو الأبيض والبني ، وأشكال أخرى مختلفة لا تخطر على بال كما يقول الأتراك ، إضافة إلى العقال والشرابات المتهدلة والأحزمة والأسلحة وأغطية الرأس أي الكوافي وأشياء أخرى ظريفة جدا راقت لي كثيرا منذ أن وقع نظري عليها حتى عزمت أن ألبس مثلهم وأظن أن زيهم هو أجمل وأثمن لباس عرفته ، وسترى يا سيدي صدق قولي عند ما أعود بإذن الله إلى إيطاليا فهناك سألبس هذا الزيّ في حفلة تنكرية أو في أية حفلة ظريفة أخرى وسأكون دون شك موضع إعجاب الحاضرين.
أقمنا في عنة خمسة أيام مخيمين خارج البلدة غير بعيدين عنها لأن أكثر الجمالة هم من أبنائها. وقد قرب عيدهم وهو عيد الفطر ، فأرادوا أن يقضوه وسط عيالهم لأنهم يمضون أكثر أيامهم بعيدين عنهم.
خلال هذه الفترة التقطت من أهالي البلدة بعض الأخبار التي أكدها أحد الجمالين وكان برفقتي ، إذ قال إن في البلدة طائفة تعيش في ظهرانيهم تعتقد سرا خلاف معتقد المسلمين ، وهي جماعة غريبة في بابها ، إذ لا يؤمن أتباعها بالآخرة ولعلهم لا يؤمنون بوجود الله إذ لا صيام عندهم ولا صلاة ولا يقيمون شعائر العبادة لله ولا يأخذون القرابة الدموية بعين الاعتبار عند تزوجهم بل يجوز عندهم الزواج بالأقربين كالأمهات بأولادهن والإخوة بأخواتهم دون خجل من الحرام ، أو تبكيت ضمير لا بهذا الأمر ولا بسواه. ويعتقد ـ محدثي ـ أنهم يعبدون الشمس لأنهم ينحنون لها صباحا عند شروقها ويحيونها بالتمتمات والرموز الخاصة ويفعلون ذلك سرا لأنهم إذا أظهروا جهارا يعرضون أنفسهم إلى أشد العقوبات. لأن المسلمين يرذلون هذه الفرقة وهي أثيمة في نظرهم ، وقد وجدوا مرة كتابا خاصّا بهذا المعتقد فأحرقوه علنا بأمر من الأمير مع النخلة التي علق عليها. فعبادة الشمس والاقتران المشين بالأقارب الأقربين وقرب المكان من بلاد فارس جعلني أعتبر هذه الطائفة من بقايا المجوس القدماء ، ودين المجوس يرجع بالأصل إلى زرادشت (١) وقد دخله على مر
__________________
(١) ولد في مادي نحو ٦٦٠ ـ ٥٨٣ ق. م مصلح الديانة القديمة في فارس ومنشىء المجوسية.