للواقع ، أو ظنّيا
مفيدا للظّنّ وهو الاعتقاد الغير الجازم ، أو جهليّا مفيدا للجهل وهو الاعتقاد
الغير المطابق للواقع ، أو تقليديّا مفيدا للتّقليد كما عرفت.
فالمراد من الدليل
ما عدا الدّليل التّقليدى ، أو المراد من التّقليد التّقليد المحض الخالى عن
الدّليل ، ويؤيّده قولهم فى تفسيره أنّه قبول قول الغير من غير حجّة. ومعنى معرفة
الأصول بالدّليل أن يحصل العلم بها منه ويطمئنّ القلب به فيها ، سواء كان علما
تفصيليّا مقارنا بمعرفة أحوال الأدلّة وشرائطها بالتّفصيل حتّى يقدر بها على دفع
الشّبهة والشّكوك ، أو علما اجماليّا غير مقارن بها لانّه الواجب العينىّ ، وأما
العلم التفصيليّ على الوجه المذكور فهو واجب كفائىّ.
والحاصل أنّ معرفة
الأصول على وجهين : أحدهما واجب عينا وهو حاصل لعوامّ المؤمنين ، والآخر واجب على
الكفاية وهو الحاصل لعلماء الأعصار ، كلّ ذلك مصرّح به فى محلّه.
واعلم أنّ هاهنا
مقامين :
أحدهما وجوب
المعارف الاصوليّة على المكلّفين ، وثانيهما وجوب الاستدلال عليها ، والدليل على
كلّ منهما عقلىّ ونقلىّ.
أمّا العقلى فهو
أنّ شكر الله تعالى لكونه منعما على الاطلاق ولدفع الضّرر عن النفس وهو خوف
العقوبة بسلب النعم للكفران واجب عقلا ، ولا شكّ انه موقوف على معرفته تعالى فيكون
معرفته واجبة قطعا ، واذا كانت معرفته واجبة كان الاستدلال عليها واجبا أيضا ،
لانّها نظريّة موقوفة على النّظر والدّليل ، والمقدور الّذي يتوقّف عليه الواجب
المطلق واجب كوجوبه قطعا.
وأما النّقلى
فكقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا
إِلهَ إِلَّا اللهُ). والأمر للوجوب واذا كان معرفة الله تعالى واجبة وهى لا
تتمّ إلّا بالاستدلال لكونها نظريّة ، وما لا يتمّ الواجب المطلق الّا به فهو واجب
، فيكون الاستدلال عليها واجبا أيضا. وكقوله تعالى (قُلِ انْظُرُوا ما ذا
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). والمراد من النّظر هو الاستدلال فى معرفة الله تعالى