وجوده بالفعل كافيا أيضا فلا يكون وجوده بالفعل واجبا ، وذلك للقطع بأنّ وجود الإمام بالفعل لطف لا مانع عنه ، وان كان مجرّد كونه مخلوقا فى وقت ما لطف أيضا وقد تقرّر انّ كلّ لطف لا مانع عنه واجب على الله تعالى ، فوجوده بالفعل واجب عليه ـ تعالى قطعا.
المبحث الثّاني من المباحث الخمسة فى بيان عصمة الامام يجب أن يكون الامام معصوما عند اهل الحقّ ، ووافقهم الاسماعيلية خلافا لسائر فرق المخالفين ، والدّليل على ذلك من وجوه بعضها عقلى وبعضها نقلى ، والمصنّف أورد هاهنا ثلاثة عقلية وواحدا نقلية فقال وإلّا تسلسل أى وان لم يجب كون الامام معصوما لجاز التّسلسل ، أو ان لم يكن معصوما لوقع التّسلسل ، وعلى التقديرين اللّازم باطل قطعا فالملزوم مثله ، والملازمة لأنّ الحاجة الثّابتة للعباد الدّاعية إلى الإمام إنّما هى من جهة الأمور المقرّبة إلى الطّاعة والمبعّدة عن المعصية ، مثل ردّ الظّالم عن ظلمه والانتصاف للمظلوم منه أى من الظالم ليكون لطفا بناء على جواز ترك الطّاعة وارتكاب المعصية من العباد لعدم عصمتهم على ما عرفته تفصيلا ، فلو جاز أن يكون الإمام غير معصوم بل جائز الخطاء بترك الطاعة وارتكاب المعصية لا فتقر إلى إمام آخر ليكون لطفا بالنسبة إليه ، ضرورة أنّ اشتراك العلّة يستلزم اشتراك المعلول ، وذلك الامام الآخر على تقدير عدم عصمته يفتقر إلى ثالث وهو إلى رابع وهكذا إلى غير النّهاية لظهور امتناع الدور اللّازم على تقدير العود ، فلو جاز أن يكون الإمام غير معصوم ذهب سلسلة الأئمّة إلى غير النّهاية وتسلسل ولزم التّسلسل.
أقول لا يخفى عليك أنّ هذا الدّليل إنّما يدلّ على وجوب عصمة الإمام فى الجملة لا على وجوب عصمته مطلقا ، لجواز انتهاء تلك السّلسلة إلى إمام معصوم ، اللهم إلّا أن يقال لا قائل بالفصل ، فوجوب عصمة الإمام فى الجملة يستلزم وجوب عصمته مطلقا.
ثمّ أقول يمكن الاستدلال على هذا المطلب بالخلف ، بأن يقال لو جاز أن يكون