التخلص من الأتراك. وعلى العكس ، إن كل ما يجعل الأتراك منيعي الجانب يحزنهم بالضرورة ، ويزيد من أمد خضوعهم لهم.
ولست أرى سببا وجيها للكيل بمكيالين ؛ بأن ننكر على العرب تطلعهم للاستقلال ، ونجد ذلك عدلا عند الإيطاليين والبولونيين ، وعند كل الشعوب الأوروبية التي تعاني من السيطرة الأجنبية. إن الأصيل يظل على الدوام أصيلا ، وينبغي ألا يجعله كونه بالطبع أقل ذكاء وقيما ممقوتا من أولئك الذين يستبد بهم ؛ وإن وصوله بنفسه إلى مرحلة التهالك يجعله يحافظ على ما اغتصبه بالمكر والفساد ومساعدة الآخرين.
تلك هي بالتحديد وبالاختصار حال الأتراك مع العرب ، كما هي حالهم أيضا مع اليونانيين والسوريين ، ومع كل الشعوب التي خضعت لهم في الماضي. لم يعد / ٢٩٧ / باستطاعتهم الدفاع عن أنفسهم ، ويقمعون الآخرين ، وإن ذلك ، مهما يمكن أن يقال : وضع خاطىء ، ومخالف للواقع ، وينبغي أن يوضع حد له ، ولا يمكن أن يستمر زمنا طويلا ؛ وإن كل المؤتمرات والبروتوكولات لن تجعل تركية تنبعث من جديد ، لقد انهارت ، وكان يمكن أن يزول اسمها منذ زمن طويل من على الخريطة لو لا أن الغرب اتفق على اقتسام تركتها. إن كل خطط الإصلاح التي نباهي بها في هذه الأيام ، والتي ليست في واقع الأمر إلّا أطماعا ، هي أوهام وأكاذيب. ويمكن أن استشهد بتلك الشخصية التركية المرموقة التي أرسلت إلى مؤتمر السلام في باريس ، والذي كان أول الساخرين من الأمر السلطاني (١) المشهور في شهر فبراير
__________________
(١) استخدم ديدييه مصطلحا تركيا جاء في الأصل Hat ـ Houmayoum ، والصواب Hatt ـ I ـ Hmayn (خطي همايون) ، وهو الاسم العام الذي يطلق على الأوامر الصادرة من السلاطين وبكتابة أيديهم أو ما حرره الكتاب وأمضاه السلطان ... وقد سمي الخط الهمايوني بالخط الشريف أيضا. انظر : المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية ، موثق سابقا ، ص ١٠١. ويبدو أن المقصود هنا هو الأمر السلطاني الذي قضى بقبول إنهاء الحرب مع روسيا والذهاب إلى مؤتمر السلام الذي عقد في باريس في مراس (آذار) ١٨٥٦ م.