الفصل السادس
جدّة (*)
أخبروني في القاهرة أن جدة ليست إلّا حيا صغيرا ، وقد تكرر ذلك على مسامعي حتى إنني / ١٢٢ / لم أكن أنتظر رؤيتها على ما هي عليه. كم كانت دهشتي كبيرة عند ما وجدتها على العكس مدينة جميلة ، مكينة البناء ، جيدة التأسيس ، تعج بالسكان ، نابضة بالحياة ، ومزدحمة ، وجديرة على كل المستويات أن تحمل الاسم الذي تعرف به ، ميناء مكة المكرمة ، وليست بأقل جدارة لحمل اسمها الذي يعني بالعربية الغنية (١). ناهيك عن مياه مينائها الضحلة وأرصفتها الرملية فهي محمية من ناحية البحر بحصن وبسرية مدفعية بينها مدفع ضخم من عيار خمسمائة مليمتر يزرع الرعب في قلوب البدو.
__________________
(*) انظر ما أورده بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٢٠ ـ ٥٧ ويبدو أن ديدييه ينقل عنه بتصرف في كثير من المواضع. وانظر في الحديث عن جدة قديما وحديثا وعن الخلاف في ضبط اسمها ومعناه كتاب : موسوعة جدة ، تأليف عبد القدوس الأنصاري ، القاهرة ، ١٩٨٢ م. وانظر : ما ترجمه د. أحمد عبد الرحيم نصر في كتابه : التراث الشعبي في أدب الرحلات ، موثق سابقا ، ص ٦٤ ـ ٦٩ ، من رحلة ديدييه عن زي رجال جدة ونسائها وعن وصف بيوتها ورواشينها. وقد ترجم من هذا الفصل الأستاذ سمير عطا الله في كتابه : قافلة الحبر ، موثق سابقا ، ص ١٥٣ ـ ١٦٩.
(١) انظر : رحلات بوركهارت ... ، موثق سابقا ، ص ٢٧ ، وفيه : «اسمها العربي يعني (غنية) ينطبق عليها تماما». وجاء في لسان العرب «جدد» أن الجد بفتح الجيم ـ الحظ والسعادة والغنى.