يسبقاه. وقد اعتاد
السائس الذي أتحدث عنه أن يسير أياما طويلة أمام هجان الشريف الأكبر.
إن قوة هؤلاء
الرجال عجيبة ، وإن لهم قدرة على السير خارقة ، ورئتين من فولاذ. ويضرب الناس مثلا
في القوة والسرعة بأحد ساسة محمد علي الذي جرى بلا انقطاع أمام هجان الباشا طوال
الطريق من القاهرة إلى السويس ، ثمّ سقط ميتا عند الوصول. عبرنا السوق (البازار) ،
حيث كنا بالطبع محل اهتمام فضول العامة. لقد كنا أول الأوروبيين الذين قدموا إلى
الطائف علنا باستثناء قنصل فرنسي مريض جاء إلى الطائف للاستشفاء بدعوة من الشريف
الأكبر. وكان فيها أيام حرب الوهابيين عدد لا بأس به من الأوروبيين من أطباء أو
غيرهم في خدمة باشا مصر . وقد جاء إليها بسبب أعمالهم المتنوعة عدد من الأوروبيين
في ذلك العصر ، ولكنهم كانوا جميعا يرتدون زي العثمانيين ، ويختلطون بهم. أما أنا
فقد كانت هويتي المسيحية شبه ظاهرة لأنني احتفظت بالزي الأوروبي ، باستثناء
الطربوش ، وارتديت فوق الزي الأوروبي لكي أبدو أكثر احتشاما ، عباءة فضفاضة سوداء
كنت قد اشتريتها في جدة.
خرجنا من المدينة
عبر باب الريع ، وقدم لنا الحرس التركي / ٢٤٣ / التحية العسكرية ، كما حصل عند
وصولنا. وما كدنا نتجاوز أسوار المدينة حتى وجدنا أنفسنا نسير بين خرائب ضاحية
قديمة تهدمت ، ولم يعد بناؤها أبدا ، ثم تبدأ الصحراء بعد ذلك ، ويقوم غير بعيد على قارعة
الطريق مسجد
__________________