أما المكان الثاني أو العتبة الثانية المقدسة لدى الشيعة فهي مقبرة الإمام الحسين التي سنقف عندها كثيرا ، فقد عرفت تلك المقبرة قبل القبور الأخرى الموجودة في النجف ، فبعد أربعين يوما تقريبا من حادثة كربلاء أصبحت تلك المقبرة مزارا ، ويقال إن أول من زارها هو جابر بن عبد الله (١) ، وروايات الإمام جعفر الصادق والإمام محمد الباقر والإمام زين العابدين وهم من الأئمة الإثنى عشر تدل على مشروعية زيارة ضريح الإمام الحسين وتلفت النظر إلى فضل تلك الزيارة وهذا ما أدى إلى زيادة زيارات الشيعة لهذا المكان ، وبمضيّ الوقت زاد غرام الشيعة بزيارة ضريح الإمام الحسين ووصل ذلك إلى حد الإفراط ، ثم أصبحت كربلاء مدينة مقدسة تقارن زيارتها بالحج الذي يكون واحدا من فرائض الإسلام الخمسة (٢).
اهتم العباسيون أيضا بضريح الإمام الحسين رضياللهعنه منذ توليهم السلطة ، وكان متولو شؤون ضريح الإمام الحسين يعيشون من الأموال التي تأتي من الأوقاف التي أسستها أم موسى بنت منصور والدة الخليفة المهدي ، كما أن أول ضربة تلقتها تلك الأماكن كانت في عهد العباسيين أيضا ، فقد أمر الخليفة المتوكل على الله بهدم الضريح والأماكن المجاورة له سنة ٨٥٠ م ، وحوّلها إلى حقول ومزارع وذلك بسبب عدائه الشديد للشيعة ، كما فرض حظرا شديدا على زيارة تلك الأماكن ، إلا أن كل تلك الإجراءات لم تفد على حسب ما يتضح من كلام ابن حوقل ٩٧٧ م ، لأنه يقول إن عدد الزوار للضريح زادوا في تلك الفترة.
أما دابة بن محمد الأسدي ٩٧٨ م الذي كان يحكم العديد من القبائل في منطقة عين التمر فقد خرّب الضريح وهدم القباب وسلب
__________________
(١) Ilhan ,a.g.m.,s.٩٤.
(٢) Oz ,a.g.m.,s.١٧٢.