المناطق الهامة في القرن التاسع عشر بسبب علاقاتها بالأوروبيين والتطورات الجارية مع الإيرانيين ؛ وبالرغم من ذلك كانت بغداد متأخرة في المساعي المبذولة في سبيل تحقيق المركزية والإصلاحات ، وبالتأكيد كان إرسال مدحت باشا واليا على بغداد موجها لتلافي هذا الوضع السيئ.
وفي عام ١٨٥٨ م قلّصت الحكومة العثمانية سلطات ولاة بغداد ، وفي مقابل ذلك زادت من سلطات وصلاحيات المتصرّفين والقائمقامات ، إلا أن هذا الوضع تغير بمجرد وصول مدحت باشا إلى بغداد ، لأن كونه رجل دولة على خبرة ودراية وموضع ثقة للحكومة ، جعل الدولة تمنحه سلطات وصلاحيات واسعة ، ولعل ظهور تطورات هامة وسريعة في النواحي الإدارية والعسكرية والمالية لكربلاء في هذا العهد يمكن أن يوضح شخصية وخبرة مدحت باشا وسياسته التي اتبعها هناك.
وبعد صدور اللائحة التنظيمية للولايات عام ١٨٦٤ م ، ظهرت الحاجة للقيام ببعض التنظيمات في الساحة الإدارية بكربلاء ، إلا أنها لم تعش أي تطور في هذا الشأن حتى قدوم مدحت باشا.
وقد ثبت قيام إسماعيل أفندي قائمقام كربلاء عام ١٨٦٩ م ببعض الانحرافات ، وقد أظهر مدحت باشا الذي بدأ مهامّ عمله حديثا حساسية شديدة بالنسبة لموضوع الانحرافات ، وتوقف على تلك الانحرافات الموجودة في كربلاء ، فتوجه الباشا بنفسه إلى كربلاء ، وأثبتت التحقيقات التي جرت حدوث انحرافات بالفعل ، فعزل إسماعيل أفندي من منصبه ، ووجد مدحت باشا أن المناخ مهيأ للقيام بعمل تجديدات في كربلاء ، فحولها إلى متصرفية ، وفي سبيل ذلك قام الوالي ببناء الأبنية الإدارية اللازمة لإدارة المتصرفية ، وحدّد أيضا الموظفين الذين سيعملون بها ، ثم اتّجه الوالي بعد ذلك إلى حلّة وهندية ، وأجرى هناك بعض التنظيمات