وأنسى كل ما عداه كالعادة وتمضى الأيام ويعلو الكوم الذى تحت المخدة حتى يتعذر النوم المريح فاضجر وأتذمر وأروح أنفخ وأسخط وأقول" ألا يمكن أن أجد فى هذا البيت الطويل العريض وسادة لينة. فيقولون لى" إن الذنب للأوراق التى نحشرها تحت الوسادة لا للوسادة" فأصيح أنا الذى يحشرها أم أنتم الحاشرون؟ خذوها فأحرقوها واصنعوا بها ما شئتم فما يعنينى إلا أن أريح هذا الرأس المكدود. لكأنى والله عبد رق اشتريتموه أتعب لتنعموا بالخفض والدعة ونضرة العيش وكل حظى بعد الجهد والمشقة دكه ووسادة كالحجر ، فإذا شكوت قلتم هى الأوراق سبحان الله العظيم كأنما كان يمكن أن تعيشوا طاعمين كاسين مكفين لو لا هذه الأوراق. وهكذا نسيت الجواب فضاع أو أكلته النار أو لا أدرى ماذا صنع الله به ، فلابد من زيارة المجمع والاعتذار إليه. وقال أحد الأخوان" ولكنك" لا تعرف الطريق إلى المجمع قلت" بل" أعرفه فإنه من المسجد الأموى قريب. وقال آخر" يحسن أن نطلب لك مركبة تحملك إليه وتتفق لك مع سائقها على الأجر سلفا" قلت" لا بأس" وجاءت المركبة وقيل للسائق احمله إلى المجمع لعلمى وزاد أحد الواقفين فقال للحوذى إنه عند مسجد دجنس ـ أو نجس فقد نسيت ـ فهز الحوذى رأسه وقال" : تكرم" ورضى أن يكون أجره" ليرة" سورية أى مائة قرش سورى وهى تساوى أحد عشر قرشا مصريا.
واضطجعت فى المركبة فسارت بى عشر خطوات ونصف خطوة ووقفت فسألت" ماذا جرى؟ " قال" هذا جامع دجنس وهذا هو المعهد" فخطر لى أن لعل المجمع انتقل إلى دار أخرى فترجلت وأنا أتعجب