واتخذت الرحلة سندا إسلاميا مهما فى القرآن والسنة للعظة أو للعلم فهناك آيات قرآنية كثيرة تربط الرحلة بعظة التاريخ والتعرف على آثار الأمم السابقة ، وعلى ما آلت إليهم دولتهم كقوله تعالى" فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" وكقول النبى صلىاللهعليهوسلم" اطلبوا العلم ولو فى الصين" ودلالة السياحة والتعرف على الجديد مشتركة بين المعنيين القرآنى والنبوى.
ولقد كانت الفتوحات الإسلامية تتطلب معرفة بالبلدان خارج شبه الجزيرة العربية. مما استدعى خروج الطلائع لتمهيد الطرق والتعرف على أحوال البلدان قبل فتحها" على أن دولة المسلمين قد فاقت إمبراطورية الرومان فى فتوحها وأملاكها وقد استلزم ذلك ـ عما كان هناك من قبل ـ كثيرا من طرق البريد وموظفيه ، مما توجد تفاصيله فى الكتب العربية التى ألفت لإرشاد العاملين ـ فى تلك الناحية ـ من الإدارة الإسلامية وهذه الكتب هى أول ما كتب المسلمون فى وصف البلاد التى خضعت لحكمهم (٨).
وتعددت أسباب الرحلة فى هذا السياق فقد" اقتضت أحوال البلاد الإسلامية أن تكثر الرحلات حين اتسعت رقعة الإسلام ، وانشعبت سلطة الخلافة بين الملوك والأمراء حتى استقل بعضهم بحكم ما ولى من البلاد إذ كانت عناية الخلفاء حينئذ منصرفة إلى توثيق عرى المودة بين أولئك الأمراء ، ليقوموا بغارات على من يناوئهم من الأعداء ، وقمع ما يحدث من الفتن فى داخل البلاد فجابوا البلاد لدراسة أحوالها ومعرفة سهلها ووعرها ، وجبالها وأوديتها وطرقها البرية والبحرية وما تنتجه أرضها من أنواع الغلات حتى يجبى الخراج بنسبة ذلك ونظموا البريد وقاسوا الأبعاد (٩).