القوم فراح يذكر لهم أسماء كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان ، أو علاقة لأصحابها بحركة عربية فكان التحقيق يدور مع هؤلاء الأبرياء أياما. ثم يطلق سراحهم. وكان القائمون بالتحقيق يدعون زورا وبهتانا أن فلانا قد أقر ، وعلانا قد أفشى السر ، ليحملوا الآخرين على الاعتراف وليوقعوا بين المقبوض عليهم ويوغروا الصدور فتجرى الألسنة بالحقيقة.
ولم يكفهم هذا فجعلوا التعذيب إحدى وسائلهم ، فكانوا يجلدون المعتقلين ، ويدسون لهم الشوك بين الظفر واللحم ، ويفعلون غير ذلك.
وكانوا كثيرا ما يعذبون المقبوض عليهم على مرأى ومسمع من السيد شكرى ليرى ما سيحل به إذا لج فى الإنكار ، وأبى الكتمان ، فأشفق السيد شكرى أن يضعف إذا أصابه مثل هذا التعذيب المنكر ، وخشى إذا حاق به شىء من هذا أن تخونه الإرادة فإن الطاقة البشرية محدودة ، والمرء صبر يتشدد على الألم ، ولكن لا إلى غير نهاية فاعتزم أمرا ، وتوكل على الله.
وكان كثير التعبد أمام الحرس ، فكان الحراس يكبرونه ويوقرونه فقال لأحدهم يوما. إن هذا السجن قد طال ، وطال شعر بدنه ، فهو فى حاجة إلى موس للحلاقة فإن النظافة من الإيمان فغاب الحارس ساعة ثم جاءه بالموس فى الخبز ، فإن تزويد السجناء بمثل هذه الآلات محظور فكيف إذا حملها الحارس بنفسه إلى السجين؟!
وأوصد السيد شكرى القوتلى الباب وعمد إلى رسغة فقطع بالشفرة شريانا فيه فتدفق الدم وكان قد أعد عودا من القش فجعل يغمس العود فى الدم ويكتب فى الصحيفة ، وقد أنحى فى