على هذه إلى سنة (١٩١١) أو (١٩١٢) ، وكنت يومئذ أتحذلق واتقرع ، ولا سيما فيما أنشره فى مجلة (البيان) لصاحبها المرحوم الأستاذ" البرقوقى"(٤٧) فكتب" الدكتور هيكل"(٤٨) (وكان يومئذ مثلنا لا بك ولا باشا) فى صحيفة (الجريدة) مقالا فى (كتاب البيان) يقول فيه ما معناه أن لعل اسم" المازنى" هو الذى يرجع إليه السبب فى تقرعه ، فكان من أثر هذه الغمزة أن نبذت التكلف. ونزعت إلى البساطة.
واتفق يوما أن كنا بمجلس المرحوم البرقوقى ، وكان (اللواء) أو (العلم) ـ لا أدرى أيهما ـ قد نشر لى قصيدة طويلة ، وكان معنا السيد" الغاياتى"(٤٩) فجعل" يسأل من هذا المازنى؟ " ، وأنا معه فضحك ، واشتد إلحاحه فى السؤال عما نقدته فى (الجريدة) وقد عرف السر بعد ذلك وصرنا صديقين.
ثم صرحت باسمى كاملا بعد أن اطمأنت نفسى ، واستغنيت عن التستر أو اتقاء الظهور جهرة ، فقد كنت أخشى الخيبة ، واشك شكا كبيرا فى قيمة ما أكتب أو أنظم ، ولكنى وجدت من تشجيع الإخوان وعطفهم ومروءتهم ما قوى قلبى وجرأنى.
وأذكر لبدوى الجبل ـ كما أذكر الدكتور أسعد طلس ـ أنهما لم يفارقانى قط بعد أوبتى من فلسطين مطرودا عنها. وقد أبى الدكتور طلس إلا أن يعود معى وإن كان القوم قد أذنوا له فى الدخول خليقا وتلك منّة كبرى له ، ويد لا أنساها أبد الدهر ، فقد يسر لى كثيرا مما كان خليقا أن يتعسر ، وظلا كلاهما معى بعد ذلك حتى ركبت الطائرة إلى مصر ، وكانا يسعيان هنا ، وهناك ، ومحاولان تذليل كل عقبة ، وتسهيل كل صعب ، ولا ينفكان ينبآنى بكل