الأستاذ يوسف (٤٥) ـ ألف باء ـ وذيلها باسمه الصريح ـ محمد سليمان ـ فنشر الأستاذ العيسى القصيدة وجعل التوقيع تحتها (بدوى الجبل) فاستغرب هذا وزاره وسأله عن سبب ما صنع ، فقال له : إن القصيدة جيدة واسمك غير معروف ، فإذا رأى الناس اسمك الذى لم يسمعوا له من قبل ساء رأيهم فى القصيدة أو قرأوها وهم أميل إلى استضعاف الشعر ، سفها ، ولكنهم حين يرون كلمتى" بدوى الجبل" خليقون أن يستغربوا ويتوهموا أن هذا الشاعر مجيد مشهور يؤثر ـ لسبب خاص ـ أن يتنكر فيكون هذا باعثا لهم على إحسان الظن سلفا ، أو على الأقل وزن الشعر بغير هوى.
وقد صدق ظنه فأعجب الناس بالقصيدة وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (من ترى يكون بدوى الجبل هذا؟ ولماذا يتنكر؟) وقال قوم إنه" خليل مردم" وذهب أخرون إلى أنه" شقيق جبرى"(٤٦) وكلاهما من شعراء الأمة المعدودين واختلفا فى ذلك اختلافا عظيما.
واقتنع السيد محمد سليمان بصواب الرأى فلج فى التنكر حتى اشتهر بأنه (بدوى الجبل).
ولم استغرب هذا لأنه عين ما وقع لى فقد كان زملائى فى المدارس لا يعرفوننى باسم (عبد القادر) لأنى فى حداثتى لم أكن أحفل بلقب (المازنى) حتى ملت إلى الأدب وعكفت على كتبه القديمة أقرؤها فعرفت قيمة لقبى الذى كنت استخف به وأملّه ، فلما أردت أن انشر فى الصحف بعض ما كنت أنظم وأكتب ، عكست القضية. فكنت أذيل القصيدة أو المقال بهذا التوقيع (ع. أ. المازنى) فابرز ما كان خافيا ، واحجب ما كان ظاهرا ، أو معروفا وواظبت