وقد كان ـ وصار حزب المعارضة قوامه الأستاذ إسعاف النشاشيبى وطه الراوى (٢٣) وأحمد الشايب والعبد لله ، واحتللنا طرف مائدة ودعونا عمال الفندق وأمرنا بلهجة حازمة أن يجيئونا بطعام آخر سائغ ولغظ القوم بثورتنا" الموافقة" وحسدونا وزعموا أنها فكاهة ظريفة وتظاهروا بأنهم لا يبالون بما يحشون به بطونهم من نار. وبعث إلى الأمير مصطفى الشهابى يقول : إن هناك إشاعة بأنى" سأرقصهم" بخطبة على هذا الطعام فكتبت إليه أقول أنهم سيحتاجون حقا إلى من يرقصهم طويلا بعد هذه الأكلة الشامية الشنيعة ، وأكبر ظنى أنهم سيعدون بعدها فى عداد الموتى ويؤسفنى أن الله لم يؤتنى القدرة على إحياء الموتى واعتزمت إذا دعيت إلى الكلام بكرهى أن أشكر طاهى الفندق الذى جاد علينا ببعض ما عنده وأنقذنا من هذا الهلاك ،
وأن أبرئ" المعرى" المسكين مما توهم هذه الوليمة التى كانت ألوانها تعد بالعشرات ولو كان يأكل كما أكلوا لمات بالتخمة غير إنى لم أحتج إلى كلام ما لأنى بعد أن أصبت الكفاية زعقت كالعادة.
ـ عناء الرحلة بين المحافظات :
وكانت هذه الأكلة بداية المتاعب فقد حملونا فى صباح اليوم الثالث فى سيارات وضعوا كل أربعة منا فى واحدة منها فانطلقنا ننهب الأرض ونقطع (١٢٥٠ كيلو مترا) فى ثلاثة أيام ، وكنا ننام بعد نصف الليل ونستيقظ فى بكرة الصباح مع العصافير ولا نستريح فى النهار لأنا لا نكون فيه إلا على سفر أو على طعام.