بأن القرآن مخلوق. وان يطلب اليهم ان يمتحنوا من يحضر مجالسهم للشهادة ، وان لا يقبلوا شهادة من لم يقر بذلك.
فدعا اسحاق بقضاة بغداد وفقهائها وينوف عددهم على العشرين (١) ، فمنهم من أجاب ومنهم من امتنع ومنهم من راوغ في جوابه. فكتب اسحاق بجواب كل منهم الى الخليفة المأمون. فكتب الخليفة الى اسحاق كتابا ثالثا (٢). وفيه رد المأمون على من لم يجب.
وابرز عيوبهم والماخذ عليهم وطلب الى اسحاق أن يعاود امتحانهم ، ومن لم يرجع منهم عن شركه ، يشخصهم موثقين الى أمير المؤمنين ليرى فيهم رأيه. وقد انفذ الخليفة هذا الكتاب في خريطة بندارية ـ أي بالبريد المستعجل ـ فأجاب القوم كلهم عدا أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح ، فقيدا بالحديد ووجها الى طرسوس. الا ان المأمون كان قد مات قبل وصولهما اليه ، فاعيدا الى مدينة السلام.
وكان صاحب الخبر قد أبلغ المأمون ان بشر بن الوليد ، وهو أحد الفقهاء الذين أقروا بخلق القرآن ، قد تأول الآية الكريمة (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٣). أي انه أقر بخلق القرآن تقية خوفا من البطش به. فكتب المأمون الى اسحاق بانهم أخطأوا تأويل الآية الكريمة ، وانما عنى الله تعالى بها من كان معتقد الايمان مظهر الشرك ، فليست هذه لهم. وطلب اليه ان يشخصهم جميعا الى طرسوس ، فاشخصهم اليه. فلما وصلوا الرقة بلغتهم وفاة المأمون ، فاعادهم واليها عنبسة بن اسحاق الى مدينة السلام.
ويبدو ان المأمون كان يستهدف من اظهار مذهب الاعتزال ان يضعف نفوذ الفقهاء وسلطانهم على عامة الناس.
__________________
(٧) أورد الطبري اسمائهم في ٨ / ٦٣٧.
(٨) نص الكتاب في الطبري ٨ / ٦٤٠ ـ ٦٤٤.
(٩) سورة النحل ، الاية : ١٦٠.