اسماعيل. وأمر قائده زيرك التركي بمهاجمة المدينة ، فخرج اسماعيل الى محاربته. وكان بغا يقف على تل مطل على المدينة يراقب المعركة ، فلما رأى خروج اسحاق بعث النفاطين فضربوا المدينة بالنار ، وكان أكثر بيوتها من خشب الصنوبر فالتهمتها النيران. فعاد اسحاق الى المدينة ليعالج أمر الحريق فاحاط به الجند وأخذوه أسيرا فضرب بغا عنقه وسير رأسه الى الخليفة بسامرا. واحترق بالمدينة نحو خمسين ألف انسان ، وأسر الجند من بقي حيا فيها ، وسلبوا الموتى (١).
ثم وجه بغا جيشه لتأديب بقية العصاة من البطارقة ، ففتح قلعة الجردمان (٢) ، وهي بين برذعة وتفليس واخذ بطريقها اسيرا. كما استطاع ان يخضع البيلقان وأران ويأسر أصحابهما من البطارقة. وبذلك قضى على حركة العصيان والتمرد الذي كان قد عم أغلب أنحاء أرمينية. الا ان اليعقوبي يذكر ان بغا زحف الى الصنارية فحاربهم فهزموه فانصرف عنهم ، وتتبع من كان أعطاهم الامان فأخذ بعضهم ، وهرب جماعة وكاتبوا صاحب الروم وصاحب الخزر وصاحب الصقالبة ، فاجتمعوا في خلق عظيم ، فكتب بغا بذلك الى المتوكل على الله ، فندب للبلد محمد بن خالد بن يزيد الشيباني ، فلما قدم ارمينية جدد الامان للثائرين فسكنوا (٣).
مما يلفت النظر تعدد الفتن التي قامت في أرمينية واذربيجان. ويظهر ان السياسة التي انتهجتها الدولة العربية في تلك المناطق ، في الابقاء على الامراء المحليين بمراكزهم طالما كانوا موالين للدولة ، كانت نتيجتها ان تمسك هؤلاء الامراء بسلطاتهم التي غدت مشروعة باعتراف الدولة بها. وكانوا يسخطون لأي تدخل من الولاة في شؤونهم ، لا سيما اذا كان اولئك الولاة ضعفاء.
__________________
(٥٢) الطبري ٩ / ١٩٢ ـ ١٩٣ ، والكامل ٧ / ٦٧.
(٥٣) الطبري ٩ / ١٩٣ ، والكامل ٧ / ٦٨ ، وجاء فيه اسم لقلعة الحرزمان.
(٥٤) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٩٠.