وأجاب عن أسلوب مكاتبة أهل بلده معه بأن تلك هي عادتهم في مكاتبة أبيه وجده ، وقد كره ان يضع نفسه دونهما فتفسد عليه طاعتهم.
وعن عدم اختتانه قال انه خاف ان يقطع ذلك العضو من جسمه فيموت. ولما قيل له انه يقاتل بالسيف والرمح ، ويخوض الحرب ، ويجزع من قطع قلفة. أجاب ان تلك ضرورة تصيبه ، والاختتان شيء يستجلبه لنفسه.
أما التهمة الاخيرة التي كانت وحدها ذات الطبيعية السياسية والتي كانت سبب غضب الخليفة عليه وحبسه فلم تثبت عليه بشكل قاطع. اذ ان شهادة مازيار ، كما سبق أن أشرنا ، ترددت بين الاعتراف والانكار. وكان الافشين قد انكر التهمة منذ البداية. وعند ما قيل له ان أخاه كاتب اخا مازيار بذلك ، انكر ان تكون المكاتبة قد جرت بعلمه ، وانه غير مسؤول عما كتبه أخوه. ثم استفسر عما اذا كان هناك ما يمنع من أن يحاول استمالة مازيار ليثق به ثم يسلمه الى الخليفة ، فيكون بذلك قد نصر الخليفة ونال الحظوة لديه. وهو استفسار أقرب الى أن يدينه من أن يبرىء ساحته من هذه التهمة ، لأنه ينطوي على اعترافه الضمني بمكاتبته مازيار.
قال أحمد بن ابي دواد في نهاية المناظرة انه قد وضح أمر الافشين ، أي انه ثبتت عليه المخالفات التي اتهم بها. وأمر بغا الكبير ان يعيده الى السجن ، رغم اعتراض الافشين على ذلك. وكان الحبس الذي سجن فيه في الجوسق شبيها بالمنارة ، وقد جعل في وسطها دكة لجلوسه (١).
لقد حاول الافشين ان يقنع الخليفة ببراءته مما نسب اليه من التهم. فطلب اليه ان يبعث له بمن يثق به لكي يؤدي اليه ما
__________________
(١١٨) الطبري ٩ / ١٠٧ ، وتجارب الامم ٦ / ٥١٩.