أمير المؤمنين في الكلام؟ قال : ذاك اليك. فشرعت معه فيما قصد اليه. وتسلسل بنا الكلام الى فنون من العلم في اخبار الناس ، ثم انصرفنا. واقيم لنا الانزال والافضال. فلما كان في أول الليل جاءني خادم ومعه عدة من الأتراك والفرسان ، فحملت على جنيبة كانت معهم ، واتي بي الى المستعين بالله. فاذا هو جالس في الجوسق ، فقربني وادناني ، ثم أخذ بعد ان آنسني ، في اخبار العرب وأيامها ، وانتهى بنا الكلام الى اخبار العذريين والمتيمين ، فقال لي : ما عندك من اخبار عروة بن حزام وما كان منه مع عفراء؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ان عروة بن حزام لما انصرف من عند عفراء بنت عقال توفي وجدا بها وصبابة اليها. فمر به ركب فعرفوه. فلما انتهوا الى منزل عفراء صاح صائح منهم :
ألا أيها القصر المغفل أهله |
|
نعينا اليكم عروة بن حزام |
ففهمت عفراء صوته واشرفت عليه ، وقالت :
ألا أيها الركب المجدون ويحكم |
|
بحق نعيتم عروة بن حزام؟ |
فاجابها رجل من القوم :
نعم قد تركناه بارض بعيدة |
|
مقيما بها في سبسب وآكام |
فقالت لهم :
فان كان حقا ما تقولون فاعلموا |
|
بأن قد نعيتم بدر كل ظلام |
ثم سألتهم أين دفنوه ، فاخبروها ، فصارت الى قبره فلما رأته نزلت وانسلت اليه فأكبت عليه ، فما راعهم الا صوتها ، فبادروا