رأى الله جعفر خير الأنام |
|
فملكه ووقاه الحذارا |
وكان عثعث المغني الاسود مملوكا لمحمد بن يحيى بن معاذ فظهر منه جودة طبع وحسن أخذ وأداء ، فعلمه الغناء وأدبه ، فبرع في صناعته. وصار من المغنين الذين اختص بهم المتوكل على الله. اذ كان أثيرا عنده ، يأكل بين يديه ، ولا يغيب عن مجالسه الغنائية. وكان حاضرا في المجلس الذي قتل فيه المتوكل على الله ، وقد اصابته ضربة في رأسه ، وهو من جملة من يروى عنهم الطبري كيفية قتل المتوكل على الله (١).
قال عثعث : دخلت يوما على المتوكل على الله وهو مصطبح على البركة وابن المارقي يغنيه قوله :
أقاتلتي بالجيد والقد والخد |
|
وباللون في وجه أرق من الورد |
وقد طرب واستعاد الصوت مرارا وأقبل عليه. فصنعت هزجا في شعر البحتري في وصف البركة :
اذا النجوم تراءت في جوانبها |
|
ليلا حسبت سماء ركبت فيها |
وان علتها الصبا ابدت لها حبكا |
|
مثل الجواشن مصقولا حواشيها |
وزادها زينة من بعد زينتها |
|
ان اسمه اليوم يدعى من أساميها |
ولما سكت ابن المارقي اندفعت بالغناء. فأقبل علي وقال لي : أحسنت وحياتي ، أعد. فاعدت فشرب قدحا. ولم أزل أغنيه
__________________
(٨٤) الطبري ٩ / ٢٢٤ ـ ٢٢٧.