يتحصن فيه. الا ان بعض اتباعه وثبوا به واسلموه الى قائد الحملة. ولكن الخليفة اتهم به الافشين لأنه بلغه ان منكجور انما أعلن التمرد بأمره وانه وجه أبا الساج مددا له لا حريا عليه. مما اضطر الخليفة ان يرسل اليه القائد بغا الكبير فاسره وقدم به الى سامرا (١) ، فأمر الخليفة بحبسه.
غضب الخليفة على الأفشين :
اعتاد الافشين في خلال حربه بابك ان يجمع ما يصل اليه من الاموال والهدايا ويبعث به مع بعض اتباعه الى بلده اشروسنة. ولما علم عبد الله بن طاهر بذلك كتب به الى الخليفة المعتصم بالله ، فأمره باعلامه بكل ما يوجه به الافشين الى هناك. فأخذ أمير خراسان يتتبعه ويوصل اخباره الى الخليفة. ولا ريب في ان جمع الافشين أمواله في بلده وبين اتباعه دليل على انه كان ينوي أمرا ، مما يقتضي مراقبته ومتابعة حركاته واتصالاته. كما لوحظ ان الافشين كان يتلكأ في محاربة بابك مما اثار الشبهة بأنه كان متواطئا معه ، وجعل الخليفة يشك بولائه. يقول ابن الجوزي انه عند ما توجه لمحاربة بابك تخاذل عن قتاله واضمر موافقته في ضلاله (٢). ويرى ابن دحية ان المعتصم بالله قتل الافشين لما واطأ بابك ، فانه تارة كان معه وتارة كان عليه (٣). وعند ما يتكلم البغدادي عن الباطنية يذكر الافشين منهم ويقول انه كان في سره مع بابك وقد توانى في القتال معه ودله على عورات عساكر المسلمين فقتل الكثير منهم ، ولما اسر بابك وصلب ظهر للخليفة غدر الافشين وخيانته في حروبه مع بابك ، فأمر بقتله وصلبه (٤).
__________________
(١٠٦) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٨ ، وهو يري ان هذا اول أسباب حبس الافشين ، ص : ٤٧٧.
(١٠٧) المنتظم ٥ / ١١٤.
(١٠٨) النبراس / ٧٣.
(١٠٩) الفرق بين الفرق / ١٧١.