حديثه؟ فان المعتصم بالله كان يقول وقد انسيته. فقال يحيى : كان يقول : اللهم اني أحمدك على النعم التي لا يحصيها أحد غيرك ، واستغفرك من الذنوب التي لا يحيط بها الا عفوك. قال : فماذا كان يقول اذا استحسن شيئا أو يشر بشيء؟ قال يحيى : كان يقول : ان ذكر الاء الله ونشرها وتعداد نعمه والحديث بها فرض من الله على اهلها ، وطاعة لأمره فيها ، وشكر له عليها ، فالحمد لله العظيم الآلاء السابغ النعماء بما هو اهله. فقال المتوكل على الله : صدقت هذا هو الكلام بعينه ، وهذا كله حكم ذى حنكة وعلم (١).
وكان المتوكل على الله معجبا بالامام محمد بن ادريس الشافعي وكان يتمنى لو انه ادرك ايامه ليتعلم منه. وسمع عنه انه قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام وهو يقول : يا أيها الناس ان محمد بن ادريس المطلبي قد صار الى رحمة الله وخلف فيكم علما حسنا فاتبعوه تهدوا. ثم قال المتوكل على الله : اللهم ارحم محمد بن ادريس رحمة واسعة ، وسهل علي حفظ مذهبه وانفعني بذلك. ويقول السيوطي : استفدنا من هذا ان المتوكل كان متمذهبا مذهب الشافعي ، وهو أول من تمذهب من الخلفاء (٢).
وذكر العالم النحوي أبو عثمان بكر بن محمد المازني للمتوكل على الله ، وكان أخوه الواثق بالله معجبا بعلمه وقد اكرمه كثيرا ، فأمر بأشخاصه من البصرة الى سامرا. يقول المازني : لما دخلت اليه رأيت من العدد والسلاح والاتراك ما راعني ، والفتح بن خاقان بين يديه. وخشيت ان سئلت عن مسألة الا أجيب فيها. فلما مثلت بين يديه وسلمت قلت : يا أمير المؤمنين أقول كما قال الاعرابي :
لا تقلواها وادلواها دلوا |
|
ان مع اليوم أخاه غدوا (٣) |
__________________
(٣٨) الطبري ٩ / ٢٣٣.
(٣٩) تاريخ الخلفاء / ٣٥٢.
(٤٠) القلو : السير العنيف ، والدلو السير الرفيق.